وضعت محاولة الانقلاب الفاشلة، التي عاشتها بنين الأحد، المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) أمام اختبار جديد يمتحن قدرتها على وقف تمدّد الانقلابات في منطقة شهدت في السنوات الماضية تحوّلات سياسية وعسكرية واقتصادية كبيرة.
ونجح الرئيس باتريس تالون في إحباط المحاولة الانقلابية قبل أن تعلن إيكواس نشر قوات لها على الأرض في بنين، وذلك في خطوة تبدو حاسمة لكنها لا تنهي مخاوف دول مجاورة من حدوث انقلابات عسكرية داخلها.
ولطالما هددت إيكواس دولًا مثل مالي والنيجر بتدخلات عسكرية من أجل إعادة الحكم إلى المدنيين إثر موجة من الانقلابات، لكنها فشلت في ذلك، الأمر الذي يسلّط الضوء على قدرتها على إنهاء أزمات المنطقة.
وتشهد منطقة غرب إفريقيا منذ سنوات فوضى أمنية وسياسية، وهو ما شجّع العسكريين في عدة دول على افتكاك السلطة بالقوة، وسط عجز من التكتلات الإقليمية، في مقدمتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والاتحاد الأفريقي، عن وضع حدّ لذلك.
وعلق المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، قاسم كايتان، على الأمر بالقول إنّ: "في اعتقادي قدرة إيكواس على الحدّ من الانقلابات العسكرية محدودة لعدة اعتبارات، أهمها الانقسام السياسي داخلها بشأن التدخل عسكريًا في دول أخرى، لا سيما أن دولًا مثل بنين ونيجيريا دفعت ثمنًا باهظًا لتأييدها التدخل في دول مثل النيجر".
وأضاف كايتان في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" أن: "الإرادة السياسية داخل إيكواس لإنهاء موجة الانقلابات بالقوّة منعدمة، وحتى مسألة تفعيل القوة الاحتياطية المتخصصة في ذلك لا تزال هدفًا صعب المنال، فالكثير من الدول ترفض التدخل في شؤون دول أعضاء أخرى".
وبيّن أنّ: "الفوضى الأمنية السائدة تزيد من صعوبة تفعيل هذه القوة وإنهاء التهديدات التي تواجهها دول المنطقة، والتي تشمل الانقلابات العسكرية".
وكانت ثلاث دول قد انسحبت من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وهي مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وذلك بعد تأسيسها لكونفدرالية الساحل، في خطوة يحذر مراقبون من أنها قد تقود إلى تفكك إيكواس والحدّ من قدرتها على التدخّل لإنهاء الأزمات التي تعرفها المنطقة.
واعتبر المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، إيريك إيزيبا، أنّ: "الواضح أن إيكواس تسير بالفعل نحو التفكّك، خاصة في ظلّ الانسحابات الأخيرة التي تعكس انقسامًا كبيرًا صلب هذا التكتّل".
وأضاف إيزيبا في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" أن: "الكثير من الجيوش أدركت أنّ تهديدات إيكواس بالتدخّل من أجل إعادة الحكم المدني غير جديّة، على غرار ما حصل في النيجر، بالتالي هذا يشجع هذه الجيوش على القيام بانقلابات".
ولفت إلى أنّ: "عدوى الانقلابات العسكرية في دول غرب إفريقيا لن تتوقّف في ظلّ فشل إيكواس والاتحاد الإفريقي في إيجاد آليات حقيقية لردع الانقلابيين".