أثار أداء الرئيس الكاميروني، بول بيا، اليمين الدستورية لولاية ثامنة تساؤلات واسعة حول ما إذا كان قد نجح فعلًا في احتواء الأزمة التي فجّرتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البلاد.
وعلى الرغم من المراسم الرسمية التي جرت في العاصمة ياوندي، فإن قوى المعارضة لا تزال ترفض الاعتراف بفوز بيا، وفي مقدمتها منافسه الأبرز عيسى تشيروما بكاري، الذي فرّ سرًا إلى نيجيريا بعد قيادته لحراك "مدن الأشباح"، الذي استهدف شلّ الاقتصاد الكاميروني احتجاجًا على نتائج الاقتراع.
وأُقيمت مراسم أداء اليمين الدستورية وسط إجراءات أمنية مشددة في مقر الجمعية الوطنية (البرلمان)، بحضور رئيس البرلمان وأعضاء الحكومة وممثلي المؤسسات الدستورية، إلى جانب شخصيات سياسية ودبلوماسية.
وخلال كلمته، كشف بيا عن أولويات المرحلة المقبلة، في ظل ترقّب لإجراءات مرتقبة تخص الأمن والاقتصاد، فيما تتصاعد حملة السلطات ضد قوى المعارضة.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الكاميروني، أماد حبيبو، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "الرئيس بيا استغلّ انقسام المعارضة على نفسها، ونجح نسبيًا في الحدّ من التوترات، كما تمكن من تجنّب انتقادات خارجية واسعة، وهو ما يُحسب له كنجاح نسبي في إدارة تداعيات الانتخابات".
وأضاف حبيبو أن "من أبرز العوامل التي أربكت المعارضة، فرار تشيروما بكاري غير المتوقع، فمن غير المنطقي أن يعلن شخص فوزه في انتخابات رئاسية ثم يهرب إلى الخارج".
وأشار إلى أن "الرئيس بيا يواجه الآن تحديات كبيرة، أبرزها تراجع الاقتصاد واستمرار التهديدات الانفصالية في المناطق الناطقة بالإنجليزية، ومن المرجّح أن يكرّس جهوده لمعالجة هذه الملفات خلال الفترة المقبلة".
ويُعد بول بيا، البالغ من العمر 92 عامًا، أحد أقدم الزعماء الأفارقة بقاءً في السلطة، إذ يحكم الكاميرون منذ عام 1982 بقبضة حديدية، وواجه هذه المرة تحديًا غير مسبوق من المعارضة التي سعت لتوحيد صفوفها دون نجاح.
ويرى المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد إدريس، أن "أداء بيا اليمين الدستورية يُعدّ بمثابة طيّ لصفحة الانتخابات"، مرجّحًا أن "يسعى خلال الفترة المقبلة إلى إخضاع قادة المعارضة للمحاكمة، وفي مقدمتهم عيسى تشيروما بكاري والمحامية ميشيل ندوكي، اللذان قادا حملة دولية لتسليط الضوء على التجاوزات التي شابت العملية الانتخابية".
وأوضح إدريس في حديثه لـ"إرم نيوز" أن "حملة المعارضة فشلت، ومن المرجّح أن يستمر الحكم المستبد الذي كرسه بول بيا دون أن يحقق إنجازات تُذكر للكاميرون، حتى وإن تجاهل التوترات الداخلية وروّج لمشاريع اقتصادية شكلية".
وختم بالقول إن "بقاء بيا في الحكم لا يعود إلى دعم شعبي حقيقي، بل إلى القبضة الأمنية المحكمة التي حافظت على سلطته طوال العقود الماضية".