يواجه التحول الإستراتيجي الأمريكي نحو الصين ومنطقة المحيط الهادئ، المعروف بـ"التحول نحو آسيا"، عقبات كبيرة تجعل تحقيقه صعباً دون إعادة تقييم الأولويات، وتعزيز التعاون مع الحلفاء.
وحدد تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست" تحديات تكنولوجية وجيوسياسية تعيق التحول نحو الصين، والذي يتطلب أيضاً التزاماً من حلفاء الولايات المتحدة بتحمل حصة أكبر من العبء الدفاعي.
تقف الأزمات العالمية عائقاً، فالصراعات في أوكرانيا وغزة، والتوترات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، ونشاطات حزب الله والحوثيين، والوضع في سوريا، تستنزف الموارد الأمريكية، وتشتت تركيزها.
على سبيل المثال، نجح الحوثيون في اليمن، باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ رخيصة، في تعطيل الملاحة في مضيق باب المندب، مما أجبر التجارة الدولية على تغيير مسارها حول رأس الرجاء الصالح، وهذا التحدي، رغم جهود البحرية الأمريكية، يكشف عن هشاشة القوة البحرية التقليدية أمام التكنولوجيا غير المتكافئة.
تعقد الثورة التكنولوجية في الأسلحة العسكرية، الإستراتيجية الأمريكية، فقد أظهرت أوكرانيا، رغم افتقارها لأسطول بحري، قدرتها على فتح ممر بحري في البحر الأسود باستخدام صواريخ وطائرات مسيّرة برية.
وهذه الأسلحة الرخيصة والمتنقلة تهدد ليس فقط السفن الحربية السطحية، بل أيضًا قواعد العمليات الأمامية الأمريكية في اليابان، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وغوام، والتي تقع ضمن نطاق صواريخ جيش التحرير الشعبي الصيني.
كما أن تلك القواعد، التي لم تُحصن بشكل كافٍ، قد لا تكون ملاذات آمنة في صراع محتمل، مما يحد من فاعلية نقل الأصول العسكرية الأمريكية إلى المحيط الهادئ.
تشكل الترسانة النووية الصينية، التي تضم أكثر من 600 رأس نووي، تحدياً غير مسبوق للولايات المتحدة، فأي صراع تقليدي مع الصين، خاصة حول تايوان، قد يتصاعد إلى مواجهة نووية.
وإذا هاجمت القوات الأمريكية أهدافاً في البر الرئيس الصيني، قد ترد بكين بضربات ضد القواعد الأمريكية في المنطقة، مما يزيد من مخاطر التصعيد.
ومع غياب معاهدة دفاع مشتركة بين الولايات المتحدة وتايوان، وعدم وجود تفويض واضح من الكونغرس، يتعقّد الموقف الأمريكي، فبدلاً من تعزيز الوجود العسكري المباشر لواشنطن في المحيط الهادئ، يُعد تعزيز قدرات الحلفاء في سلسلة الجزر الأولى إستراتيجية أكثر فاعلية.
كما ترى "ناشيونال إنترست" أنه يمكن دعم دول، مثل اليابان والفلبين، بأنظمة دفاع جوي ومضادة للسفن، مثل NMESIS وHIMARS، التي أثبتت فاعليتها في الفلبين مؤخراً، معتبرة أن هذا النهج يوزع العبء الدفاعي ويعزز إستراتيجية "مضادة" إقليمية تقلل الاعتماد على القوات الأمريكية المرهقة لوجستياً.
وتخلُص المجلة إلى أن التحول نحو الصين ممكن فقط إذا شارك الحلفاء، بشكل فعال، في تحمل المسؤولية الدفاعية، وتمت معالجة التحديات التكنولوجية والنووية، معتبرة أن إعطاء الأولوية لتسليح الحلفاء بأنظمة متقدمة وتطوير إستراتيجيات غير تقليدية هو السبيل لمواجهة النفوذ الصيني، دون استنزاف الموارد الأمريكية أو المخاطرة بتصعيد كارثي.