فرضت السلطات في تنزانيا حظر تجول في العاصمة الاقتصادية دار السلام، بعد اندلاع مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين تزامنًا مع الانتخابات العامة التي يُتوقع أن تمنح الرئيسة سامية سولوهو حسن ولاية ثانية.
وأفاد شهود عيان أن قوات الأمن أطلقت الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع لتفريق عشرات المتظاهرين الذين عادوا إلى الشوارع صباح الخميس، غداة يومٍ شهد اضطرابات واسعة النطاق.
واندلعت الاحتجاجات في دار السلام وعدة مدن أخرى، حيث أُضرمت النيران في سيارات ومكتب حكومي محلي؛ احتجاجًا على استبعاد أبرز منافسي الرئيسة سامية حسن من سباق الرئاسة، وتصاعد القمع ضد المنتقدين.
بدورها، أعلنت الشرطة حظر تجول ليلي في المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 7 ملايين نسمة، بينما استمر انقطاع الإنترنت على مستوى البلاد، في ما وصفته منظمة "نت بلوكس" بـ"تعتيم رقمي كامل"، كما أكدت السفارة الأمريكية أن طرقًا رئيسة، بينها الطريق المؤدي إلى مطار دار السلام الدولي، أُغلقت بالكامل.
وعلى تطبيق "زيلو"، تداول متظاهرون خططًا لمواصلة التحركات الاحتجاجية وتنظيم مسيرات نحو المباني الحكومية، لكن في المقابل، التزمت الحكومة الصمت، ولم تُشِر وسائل الإعلام المحلية الخاضعة للرقابة إلى أي تفاصيل عن الاضطرابات أو سير العملية الانتخابية.
من جانبه، أبلغ دبلوماسي وكالة "فرانس برس" أن نحو 30 شخصًا قد قُتلوا في أعمال العنف، إلَّا أن الحصيلة لم يتم التحقق منها رسميًا.
وفي محاولة للسيطرة على الأوضاع، أعلن المتحدث باسم الحكومة غيرسون مسيغوا عبر "إنستغرام" أن جميع الموظفين الحكوميين مطالبون بالعمل من المنزل، باستثناء من تستدعي مهامهم الوجود في مواقعهم، كما بثّ التلفزيون الرسمي إعلانًا يطلب من الطلاب متابعة دراستهم من المنازل.
وكشفت مصادر مطّلعة أن هذه الاحتجاجات تأتي استجابة لدعوة من حزب المعارضة الرئيس "تشاديما"، الذي وصف الانتخابات بأنها "تتويج سياسي" للرئيسة حسن، بعد استبعاده من المنافسة في أبريل إثر رفضه التوقيع على ميثاق السلوك الانتخابي، كما استُبعد مرشح حزب "التحالف من أجل التغيير والشفافية" المعارض لوهاغا مبينا؛ ما ترك الساحة لمرشحين من أحزاب صغيرة في مواجهة الرئيسة.
وتحدثت تقارير محلية عن ضعف الإقبال في مراكز الاقتراع بدار السلام؛ بسبب المخاوف الأمنية، بينما يُتوقع أن تُعلن النتائج الرسمية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ورغم أن حسن تبدو في طريقها للفوز بسهولة، فإن الاضطرابات تمثل اختبارًا كبيرًا لقيادتها؛ فبعد أن حظِيَت بإشادة عند توليها السلطة عام 2021 لتخفيفها القيود السياسية والإعلامية التي فرضها سلفها جون ماجوفولي، تواجه الآن اتهامات بتراجع الحريات وعودة أساليب القمع.
واتهمت منظمات حقوقية ومعارضون، حكومة حسن بالتورط في حالات اختفاء قسري لناشطين وصحفيين، في حين أكدت حسن العام الماضي أنها أمرت بفتح تحقيق في تلك المزاعم، لكن نتائجه لم تُنشر حتى الآن.