تجد بنين، التي لطالما اعتُبرت نموذجًا ديمقراطياً في غرب أفريقيا، نفسها مجددًا عند مفترق طرق، فمع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، تُخيّم ظلال من الشك على العملية بسبب عدم مشاركة حزب المعارضة الرئيس.
وأعلن المحامي رينو أغبودجو، الذي رفضت السلطات البينينية ترشيحه، في 22 الشهر الجاري، من قبل اللجنة الانتخابية، التخلّي عن محاولته المشاركة في السباق نحو رئاسة الجمهورية، بعدما نال تزكية الديمقراطيين، حزب المعارضة الرئيس، لخوض الاقتراع المقرر في 12 أبريل/نيسان المقبل.
وصرّح المحامي للصحافة في كوتونو: "بعد أن استخلصتُ دروس هذه التجربة المُلهمة أعتقد، بعد تفكيرٍ مُعمّق، أن الوقت قد حان لأخذ استراحة".
وأوضح أنه كان "ضحيةً لاختلالاتٍ داخليةٍ في حزبه السياسيّ وظروفٍ صعبة"، وقال إنه "يُحيط علماً بقرار المحكمة الدستورية".
وبررت اللجنة الانتخابية رفضها بقلة التزكيات التي حصل عليها رينو أغبودجو ما حرك الديمقراطيين للطعن أمام المحكمة الدستورية.
وهكذا يُفتح طريقٌ ملكي للأغلبية الحاكمة، ممثلةً بوزير المالية روموالد واداني، حيث يُشارف باتريس تالون، الرئيس منذ العام 2016، على نهاية ولايته الثانية، وهي المدة القصوى التي يسمح بها الدستور.
وخاطب رينو أغبودجو المرشحين المتبقين، قائلاً: "أحثكم على جمع كل الحساسيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على طاولة واحدة من أجل مصالحة، حقيقية وصادقة، ولصالح شعب بنين".
بدوره، قال مدير الاتصالات في الحزب الديمقراطي، جاي ميتوكبي، "حان الوقت، أكثر من أي وقت مضى، لنبقى متحدين".
وأضاف في مقطع فيديو نشره على حسابه على فيسبوك: "سنذهب إلى الانتخابات البلدية والانتخابات التشريعية ".
لكن المرشح روموالد واداني سيواجه ما يسمّى بـ"الخصم المعتدل"، وهو الوزير والمعلم السابق بول هونكبي، الذي تأهل تحت ألوان حزب بنين الناشئ.
ومنذ عدة سنوات، تشهد الحياة الوطنية في بنين تحولاً جذرياً، فالإصلاحات المؤسسية والانتخابية، أضعفت التنوع السياسي.
وأدّى قانون ميثاق الأحزاب السياسية وشروط الترشح، سواءً عن قصد أم لا، إلى استبعاد شريحة كبيرة من المعارضة من العملية الانتخابية.
وبالنسبة للطبقة السياسية لا تُعطي بنين، اليوم، لأصوات المعارضة، مساحة للتعبير الحر، إذ تُراقَب السلطات المظاهرات بصرامة، ويواجه القادة السياسيون الناقدون ملاحقات قانونية، وتُضطر وسائل الإعلام المستقلة إلى مواجهة بيئة معادية بشكل متزايد.
وكل هذا يُسهم بخلق مناخ من الخوف والاستسلام، يتعارض مع الحيوية الديمقراطية التي كانت، يومًا ماً، فخرًا للبلاد.
والمجتمع الدولي، الذي كان يُسرع في الاحتفال بـ"معجزة بنين"، ينظر، الآن، إلى البلاد بمزيج من القلق والصمت، خاصة في عموم غرب أفريقيا، التي تُعاني من الانقلابات العسكرية والتحولات غير المستقرة، حيث بدأ يعتاد على فكرة أن الديمقراطية قابلة للتراجع حتى في الأماكن التي بدت فيها راسخة.