وجّه رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، أمس الثلاثاء، تحذيراً جاداً بشأن وضع المالية العامة في البلاد، واصفاً الدّين الوطني بأنه "فخ خطير، قد يكون غير قابل للعكس".
وخلال مؤتمر عُقد في قصر ماتينيون، قدّم بايرو عرضاً قاتماً حول العجز في الميزانية، ممهداً الطريق أمام الفرنسيين لتقبل مجهود تقشفي غير مسبوق: توفير 40 مليار يورو خلال عام 2026.
"فرنسا لا تنتج بما فيه الكفاية"
وقالت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية إن بايرو شدد أمام جمع من الوزراء والبرلمانيين وممثلي السلطات المحلية وهيئات الضمان الاجتماعي، على أهمية إجراء "تشخيص واضح"، مؤكدا أن فرنسا لا تنتج ولا تعمل بما فيه الكفاية، مقارنة بدول الجوار الأوروبي.
وأشار إلى انخفاض معدل التوظيف بين الشباب وكبار السن، مبينا أن الدّين العام يبلغ حالياً 3305 مليارات يورو، أي 113% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يُتوقع أن يصل العجز إلى 5.4% هذا العام، في ظل نمو اقتصادي ضعيف لا يتجاوز 0.7%.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن هذه التحذيرات تأتي في وقت تزداد فيه الضغوط داخل البرلمان، حيث يسعى بايرو لتجنب مصير سلفه ميشيل بارنييه، الذي أُسقط عبر مذكرة حجب ثقة، مشيرة إلى أنه من أجل ذلك، أطلق بايرو سلسلة من المشاورات، تبدأ بمؤتمر مع المنتخبين المحليين في 6 مايو/ أيار، ويمتد العمل خلال الأشهر الثلاثة المقبلة حتى تقديم مشروع الميزانية في الخريف.
ورغم رفض الحكومة لزيادة الضرائب، فإنها تدرس تقليص بعض الامتيازات الضريبية وتخفيف الإعفاءات.
تقليص النفقات المفرطة
وينفي بايرو نية اللجوء إلى تخفيضات قاسية في الإنفاق، لكنه يعتزم تقليص ما يصفه بـ"النفقات المفرطة"، مثل كثرة الإجازات المرضية وبعض الهيئات العامة غير الضرورية، إذ إن هذه المقاربة تهدف إلى طمأنة اليمين، دون إثارة غضب اليسار.
بدورها، لم تتأخر المعارضة في الرد، إذ وصفت مارين لوبان الخطة بأنها "غير مسؤولة أمام خطورة الوضع"، فيما شبّه جان لوك ميلانشون فرنسا باليونان في 2010، واتهم الاشتراكيين بالتواطؤ بسبب رفضهم دعم مذكرة حجب الثقة.
كما حذر باتريك كانير، رئيس كتلة الاشتراكيين في مجلس الشيوخ، من "علاج تقشفي" غير عادل. وبحسب التقرير، تبدو المهمة صعبة في ما يتعلق بالعلاقة مع السلطات المحلية، التي ترفض أن تتحمل الجزء الأكبر من التخفيضات.
عملية إعلامية
من جانبه، أكد رينو موزولييه، رئيس منطقة بروفانس ألب كوت دازور، أن الجهات المحلية لا تمثل سوى جزء ضئيل من الدين العام. فيما قاطعت جمعية رؤساء البلديات الفرنسية اجتماع رئيس الوزراء، معتبرةً إياه مجرد «عملية إعلامية».
وفي هذا السياق المتوتر، يعوّل بايرو على الحوار والتوضيح لإعداد ميزانية «مسؤولة»، على أمل تجنّب مواجهة مباشرة مع البرلمان والسلطات المحلية، حيث بدأ العد التنازلي: أمامه ثلاثة أشهر لإقناع الجميع.