شهدت جلسة البرلمان الإيراني، اليوم الأحد، حالة من التوتر الحاد، بعد مشادات كلامية كبيرة بين عدد من النواب، ما دفع رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إلى رفع الجلسة بشكل مفاجئ، وفقاً لما تداولته وسائل إعلام إيرانية.
وتظهر اللقطات لحظات تصاعد الجدل بين نواب من كتل مختلفة، وسط مقاطعات متكررة، قبل أن يقرر قاليباف إنهاء الجلسة بشكل مؤقت حفاظاً على النظام داخل القاعة.
وبحسب وكالة أنباء "ركنا" الإيرانية، فإن الخلافات اشتعلت بسبب جدل حول آليات تنفيذ بعض القوانين المثيرة للجدل، وفي مقدمتها قانون "العفاف والحجاب"، إضافة إلى ملفات أخرى تتعلق باتفاقيات دولية ومشاريع اقتصادية داخلية.
سجال حاد
وفاقم التوتر سجال حاد بين رئيس البرلمان محمد باقر قالیباف وعدد من النواب المحافظين المنتمين لكتلة "جبهة الصمود" المتشدد، وذلك على خلفية ما وصفه النائب بـ"التقاعس" في إبلاغ قانون الحجاب الجديد، مقارنة بسرعة إبلاغ اتفاقية باليرمو المعروفة رسمياً بـ"اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية".
ويعكس هذا الجدل انقساماً متزايداً داخل المؤسسة التشريعية بشأن أولويات التشريع وحدود صلاحيات الأجهزة العليا في الدولة.
وقال قاليباف خلال الجلسة بعد المشادة مع النائب، محمد تقي نقد علي، إن "أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني (أعلى هيئة أمنية) طلبت منا بكتاب رسمي عدم إدخال قانون الحجاب حيز التنفيذ"، مضيفاً "لا يمكن لي مخالفة هذا القرار".
ورد النائب نقد علي في مداخلة أمام النواب، "نأمل من رئيس المجلس، كما لم يدع حبر اتفاقية باليرمو يجف وأبلغها فوراً، أن يُبلغ قانون الحجاب أيضاً، فهو حكم من أحكام الله، ويجب التعامل معه بالجدية نفسها، دون انتظار رأي المجلس الأعلى للأمن القومي أو استشارة رؤساء السلطات".
وردّ قالیباف بقوة على هذه الاتهامات، قائلاً" لا تمارسوا الشعبوية الإعلامية. قانون الحجاب قد تم إيقافه بموجب رسالة رسمية من المجلس الأعلى للأمن القومي، بينما اتفاقية باليرمو كانت قد أُقرت مسبقاً في البرلمان بالدورة العاشرة ومجمع تشخيص مصلحة النظام، وكان من الواجب إبلاغها وفقاً للإجراءات الدستورية".
وفي سياق متصل، علّق النائب كامران غضنفري على الجدل بشأن الغرامات المنصوص عليها في قانون الحجاب الجديد، قائلاً، "القول إن قانون العفاف والحجاب سيتسبب في انقسام بالمجتمع غير صحيح. فهل عندما تفرض الشرطة غرامات على من لا يربط حزام الأمان أو يسير في الاتجاه المعاكس، يحصل انقسام؟ هذه مجرد آليات لتطبيق القانون".
تهديدات وإهانات
ومن جانبه، قال النائب في البرلمان الإيراني غلامرضا غودرزوند جغيني، إن عدداً من أعضاء البرلمان يتعرضون بشكل متكرر لرسائل نصية تتضمن تهديدات وإهانات، محذراً من حملة سياسية تستهدف زعزعة استقرار البرلمان.
وفي كلمة له تحت قبة البرلمان، توجه جغيني إلى رئيس المجلس محمد باقر قاليباف، قائلاً: "يا سيد قاليباف، هناك من يسعى إلى إقالتك من رئاسة المجلس، ويريدونك خارج هذه القبة".
وأشار النائب إلى أن هذه الرسائل المشبوهة تمثل محاولة للضغط على النواب وتوتير الأجواء البرلمانية، داعياً إلى التحقيق في خلفيات هذه التهديدات واتخاذ موقف صارم ضد الجهات التي تقف وراءها.
وتأتي هذه التصريحات في ظل أجواء سياسية مشحونة داخل البرلمان، مع تصاعد الخلافات بين التيارات المحافظة المختلفة، خصوصاً في ما يتعلق بمصير قوانين مثيرة للجدل مثل قانون الحجاب واتفاقية باليرمو.
اتفاقية باليرمو
وفي 14 من آيار/ مايو، وافق مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران (هيئة حكم)، على انضمام البلاد إلى اتفاقية باليرمو، المعروفة رسمياً بـ"اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية".
واتفاقية باليرمو، إلى جانب اتفاقية CFT (مكافحة تمويل الإرهاب)، هما من أبرز مكونات برنامج FATF (فرقة العمل المالي)، التي طالما كانت موضع جدل داخلي حاد في إيران، بين مؤيدين يرون فيها ضرورة للاندماج الاقتصادي، ومعارضين يخشون أن تؤدي إلى انكشاف أمني وتسريب معلومات حساسة.