كشف كتاب جديد عن أسرار "مذهلة" في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مؤكداً أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كانت على عِلم مسبق بنية موسكو بدء "العملية الخاصة" التي أطلقها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في فبراير/ شباط 2022، كما أنها أطلعت إدارة جو بايدن على تفاصيلها قبل أشهر من وقوعها.
والكتاب الذي حمل عنوان "المهمة: سي آي إيه في القرن الحادي والعشرين"، للصحفي الاستقصائي تيم وينر، يؤكد أن المخابرات الأمريكية لم تكن فقط على معرفة بـ "النوايا الروسية"، بل كانت على دراية تامة بتفاصيل "العملية الخاصة". كما يكشف أنه تمّ تحذير الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قبل شهر من الهجوم.
ويغطّي الكتاب تاريخ وكالة المخابرات المركزية على مدار ربع قرن، بدءاً من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وتحوّل أولويات "سي آي إيه"، حيث ركّزت على مكافحة الإرهاب، مما أهمل التهديدات الروسية والصينية.
ومع ذلك، يبرز الكتاب، الذي نشرت تفاصيله صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، نجاحات الوكالة في أوكرانيا كدليل على عودتها إلى جذورها في التجسس البشري، إذ بدأت هذه الجهود بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، حيث قدّمت واشنطن دعماً سياسياً وعسكرياً لكييف.
وتحت قيادة ويليام جوزيف بيرنز، مدير "سي آي إيه"، من مارس/ آذار 2021 إلى يناير/ كانون الثاني الماضي، شهدت الوكالة تعزيزاً لجهودها ضد موسكو، إذ دعا بيرنز الضباط لدعم الوكالة في مواجهة "التهديد الروسي"، مستفيداً من تجاربه السابقة كسفير لدى الكرملين.
وانخرط مكتب التحقيقات الفيدرالي في مكافحة التجسس الروسي، بينما استخدم الجنرال بول ناكاسوني، مدير وكالة الأمن القومي، قدرات التنصت الإلكتروني لمراقبة "حاشية" بوتين. كما طلب وزير الدفاع، لويد أوستن، من أقمار التجسس مراقبة تحركات القوات الروسية. فيما نسّقت أفريل هاينز، مديرة الاستخبارات الوطنية، بين 17 وكالة استخباراتية، مستثمرة ملايين الدولارات في تحليل البيانات.
كان الجنرال ناكاسوني مقتنعاً بأن الروس سيبدأون الهجوم، مستنداً إلى معلومات استخباراتية "غير مسبوقة"، ففي صباح يوم 11 أكتوبر 2021، توجّه بيرنز وهاينز إلى المكتب البيضاوي لإحاطة بايدن ونائبته كامالا هاريس، بحضور أنتوني بلينكن ولويد أوستن والجنرال مارك ميلي.
وضعا أمام إدارة بايدن ما جمعوا من معلومات من جواسيس "سي آي إيه"، واعتراضات وكالة ناسا، وصور أقمار البنتاغون، إذ تشدد ليندا فايسغولد، مديرة تحليل الاستخبارات، أن الوكالة كانت تعرف بالفعل خطط روسيا بفضل "جمع معلومات استخباراتية ممتازة" وخبرة في تفسيرها.
وأوضح بيرنز خلال اللقاء مع إدارة بايدن أن بوتين كان ينوي "بدء الهجوم" مع حلول الشتاء، مستنداً إلى قرارات ميدانية روسية وحملات إعلامية، فيما أشاد بلينكن بـ "فهم الوكالة لتفكير قيادة الكرملين"، بينما لاحظت هاينز إنفاق الرئيس الروسي على الخطط العسكرية.
وسأل بايدن عن دوافع بوتين، فأجاب بيرنز بأنها تنبع من "هوسه بأوكرانيا كجزء من الإمبراطورية الروسية". وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، زار بيرنز موسكو، محذّراً من عواقب مهاجمة كييف، مثل عقوبات اقتصادية تشل النظام المصرفي، لكن لم يبدِ الروس تردداً، مما أقنع بيرنز بأن "الهجوم حتمي".
وفي يناير 2022، زار بيرنز كييف لإحاطة الرئيس زيلينسكي، بخطط الروس، بما في ذلك محاولة اغتياله وقطع رأس النظام، ومنذ ذلك اليوم، تبادلت وكالة المخابرات المركزية معلومات مع الأوكرانيين لمساعدتهم في الدفاع.