أحدث اختراق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لما يسمّى بولايات الجدار الأزرق، مفاجأة كبيرة في سباق الرئاسة الأمريكية التي ظفر بها، فتفوق على منافسته كامالا هاريس بتلك الولايات التي تُوصف بأنها معقل وخزان التصويت الذي يعوّل عليه الديمقراطيون.
و"الجدار الأرزق" هو مصطلح يُطلق على مجموعة من الولايات الشمالية ذات الأغلبية الديمقراطية التي تشكل عمودًا أساسًا في إستراتيجية الفوز الديمقراطية، خاصةً: ميشيغان، ويسكونسن، وبنسلفانيا.
وحول كيفية اختراق ترامب للجدار الأزرق، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية حسن المومني، إن فوز ترمب في بعض الولايات المحسوبة تاريخيًا على الديمقراطيين، مرده إلى أن ترمب قدم نفسه كزعيم حاسم في القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تهم الناخب الأمريكي أكثر من مسألة الاهتمام بالقضايا الخارجية.
وأضاف المومني أن ترامب "عمل وفق مبدأ أمريكا أولاً، ولطالما قدّم وعودًا بوقف الحروب التي يرى أنها تستنزف بلاده".
وأردف لـ"إرم نيوز": أن "الناخب الأمريكي يتذكر ولاية ترمب السابقة بأوضاع اقتصادية أفضل مما كانت عليه أثناء رئاسة الديمقراطيين سواء فيما يتعلق بخلق الوظائف أو أسعار الطاقة والهجرة، وربما كان هذا العامل الأهم في تغيّر موازين الولايات التي كان يكسبها الديمقراطيون عادة".
وتابع أن "ترامب فتح باب النفط الأحفوري لتصبح الولايات المتحدة أكثر الدول إنتاجًا للنفط، إضافة لانسحابه من الكثير من الاتفاقيات التي تحد من الأنشطة الاقتصادية الأمريكية كاتفاقية باريس المتعلقة بالبيئة والتغير المناخي".
بدوره، يرى الكاتب والمحلل الإستراتيجي الدكتور عامر السبايلة أن اختراق ترامب لما يسمّى ولايات الجدار الأزرق، كان بسبب عاملين، الأول: الانطلاقة الضعيفة للحزب الديمقراطي بترشيح هاريس كجزء من المنظومة السياسية، وهي نائب للرئيس لا يمكن لأي طرف القبول بوعودها، حيث تبرز تساؤلات لماذا لم تنفذ جزءًا منها وهي في مركز القرار.
وأضاف السبايلة، لـ "إرم نيوز" أن "حالة الفوضى، وفتح الملفات، اللذين تميزت بهما فترة حكم بايدن، وعدم المقدرة على إغلاق تلك الملفات، انعكس كله على الجميع، وأثر في مزاج الناخبين، وجعل الحزب يظهر بحالة مأساوية، واضطر الحزب الديمقراطي لترشيح هاريس وهو ما كان أول المؤشرات على أزمات الحزب".
والعامل الثاني، وفق السبايلة، كان باعتماد ترامب على مبدأ المقاربة مع حكم الديمقراطيين، حيث تميزت فترة رئاسته للولايات المتحدة بعدم وجود أزمات، وتنامي الرخاء الاقتصادي، والدفع بقوانين تسهم بحركة سيولة كبيرة في الداخل الأمريكي.
وأوضح أن "الأمر الذي انعكس عل رخاء الفرد الأمريكي، والقدرة على السيطرة على غلاء المعيشة، والتضخم، إضافة للبعد الأمني، والحدود، وهي ملفات لعب عليها ترامب بشكل كبير".
وأشار إلى أن "ملفات من مثل أولوية حياة ورخاء الأمريكي، والأمن، والوضع الاقتصادي، أمور أسهمت في اختراق ترامب للجدار الأزرق، وبالتالي باتت أمريكا والعالم وكأنهم بحاجة لشخص حاسم بمقابل حالة التردد والضعف خلال السنوات الأربع الماضية".
وكان ترمب اخترق، في العام 2016، بعض ولايات الجدار الأزرق، ليحقق فوزًا مفاجئًا على هيلاري كلينتون آنذاك، إلا أن المرشح الديمقراطي جو بايدن أعاد هذه الولايات إلى المعسكر الديمقراطي في 2020، مما أتاح له الوصول إلى البيت الأبيض.
