ذكرت صحيفة "التليغراف" البريطانية أن تململاً واضحاً بدأ يظهر في صفوف الجيش الإسرائيلي على أعلى المستويات، اعتراضاً على استمرار الحرب في غزة، وأنّ التمرّد العسكري لم يعد مستبعداً.
ونقلت عن مصادر داخل الجيش الإسرائيلي أن "الحرب الأبدية" التي يريدها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ساهمت في انخفاض كبير في أعداد التجنيد، مع آراء داخل المؤسسة العسكرية ترى أن المعركة في غزة لم يعد لها "ضرورة".
وكشف نقيب في لواء ناحال 933 في إسرائيل، الذي رفض إكمال الخدمة العكسرية في غزة وعوقب بالحبس 25 يوماً، أن "أعداداً كبيرة من كبار الضباط العاملين والمتقاعدين بدأوا يتحولون ضد حرب نتنياهو".
وقال النقيب الذي عرّفته الصحيفة باسم "رون فينر" إنه بعد استئناف إسرائيل للحرب على قطاع غزة في مارس/ آذا الماضي، "أصبح من الواضح لي أن حكومتنا تريد إطالة القتال لأطول فترة ممكنة، فهي لا تريد إنهاءها".
ورأى الجنرال عساف أوريون، رئيس التخطيط الاستراتيجي السابق في الجيش الإسرائيلي، إنه في حين كانت هناك أهداف استراتيجية واضحة في الحملات ضد إيران وحزب الله في لبنان، "إلا أنه لم تعد هناك ضرورة عسكرية واضحة لاستمرار العمليات العسكرية في غزة".
وأضاف "في غزة، أشك في أن القطار الاستراتيجي من الغايات والوسائل والطرق قد اختطف بسبب دوافع خفية"، معتقداً أن السبب الرئيس لإطالة أمد الحرب في غزة هو "المصلحة السياسية".
وأكّد أوريون أن "حرب غزة تجاوزت مرحلة الذروة كثيرا"، لافتا إلى أن "كل عملية عسكرية، مثل العديد من المساعي البشرية، لها قاعدة العوائد المتناقصة".
وتابع "في مرحلة ما، تواجه النجاحات الكبيرة مقاومة متزايدة وتفقد فاعليتها. ترتفع التكاليف وتنخفض الفوائد. في غزة، تجاوزنا هذه المرحلة كثيرا".
ومع اقتراب الحرب في غزة من إكمال عامها الثاني، ذكرت "التليغراف" أن الجيش الإسرائيلي بات يواجه أزمة حقيقة، ولا يمكن إنكارها، وهي نقص التجنيد وتصاعد حالات الرفض للالتحاق بالجيش.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن النقيب فينر أن الشبّان الإسرائيليين باتوا يتجالهون الرد على طلبات التجنيد عبر البريد الإلكتروني، أو يتذرعون في بعض الحالات بطوارئ طبية أو عائلية، مؤكداً أن صور الأطفال الجائعين داخل غزة "ستؤدي إلى انخفاض عدد الجنود الذين سيلتحقون بالخدمة".
وتعاني سمعة الدولة العبرية على الساحة الدولية من أزمة، حيث يتسابق حلفاؤها التقليديون مثل بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا لإدانة التقارير المتصاعدة عن المجاعة .
ورغم أن الأرقام الحقيقية تخضع لتكتيم شديد، فإن بعض المصادر تعتقد أن معدل الحضور في الجيش بالكاد يصل إلى 60%.، وغالبية المستنكفين هم من ما يسمى بـ "الرفض الرمادي"، الذين يتذرّعون بوجود مشاكل طبية أو عائلية أو يسافرون إلى الخارج أثناء فترة الاستدعاء.
وقالت "التيليغراف" إن رفض التجنيد على أسس سياسية صريحة أصبح نادراً، ولكنه يتزايد، وهو ما ينعكس في العدد المتزايد من الرسائل العامة التي وقعها جنود الاحتياط والتي تدين سلوك نتنياهو في الحرب، والتوبيخ والفصل اللاحق.
وظهرت روايات عن ضباط يتواصلون بشكل محموم مع جنود الاحتياط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويتوسلون إليهم للانضمام إليهم؛ لأن صفوفهم أصبحت ضعيفة للغاية، وفق تقرير "التيليغراف".
في الوقت نفسه، لا تزال قضية التجنيد الإلزامي لليهود المتشددين مستمرة، حيث من المتوقع أن يتراجع نتنياهو عن وعوده بإجبار الشباب اليهود المتشددين على الالتحاق بالخدمة العسكرية.