حزب الله: تحرك مجلس الوزراء اللبناني بشأن خطة الجيش فرصة للعودة إلى الحكمة والتعقل

logo
العالم

صفقة تاريخية بين باكستان وأمريكا تشعل "سباق النفط" في آسيا

صفقة تاريخية بين باكستان وأمريكا تشعل "سباق النفط" في آسيا
علما باكستان والولايات المتحدة في البيت الأبيضالمصدر: رويترز
03 أغسطس 2025، 10:50 ص

أعلنت باكستان والولايات المتحدة الأمريكية عن توقيع اتفاق تجاري ونفطي في 31 يوليو/ تموز 2025، ما يُعدّ تحولًا استراتيجيًا في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث يشمل تخفيضًا فوريًا في الرسوم الجمركية، إلى جانب اتفاق على تطوير احتياطيات النفط الباكستانية بمشاركة أمريكية مباشرة.

التبادل التجاري الثنائي

وبلغ حجم التجارة بين البلدين في عام 2024 نحو 7.3 مليار دولار، بواقع 2.1 مليار دولار صادرات أمريكية إلى باكستان، و5.1 مليار دولار واردات أمريكية من المنتجات الباكستانية، بزيادة تقارب 5% عن العام السابق.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

ترامب يعلن إبرام اتفاق تجاري مع باكستان

خفض الرسوم الجمركية

وافقت واشنطن على خفض الرسوم على الواردات الباكستانية من 29% إلى 19% اعتبارًا من 7 أغسطس/ آب 2025، وسط توقعات بأن تستقر النسبة لاحقًا بين 15% و20%، ما يمنح باكستان ميزة تنافسية على حساب دول إقليمية مثل الهند، التي تواجه حاليًا رسومًا تصل إلى 25%.

وأكد حافظ بلال بشير، الخبير الباكستاني في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، في تصريح لـ"إرم نيوز" أن الخفض الأخير في الرسوم الأمريكية يمثل فرصة مواتية أمام باكستان لتحسين موقعها التجاري إقليميًا، لا سيما بالمقارنة مع الهند التي باتت تواجه رسومًا أعلى. ورغم أن التوقعات كانت تطمح لنسبة دون 19%، إلا أن المعدل الجديد يبقى ميزة استراتيجية.

وأشار بشير إلى أنه ومن المتوقع أن تستفيد صادرات رئيسية مثل المنسوجات، والجلود، والسلع الرياضية، والمنتجات الزراعية من هذا التطور، مما يفتح أمامها آفاقًا جديدة في السوق الأمريكية. في المقابل، تعاني الهند من تصاعد التوترات التجارية مع واشنطن، الأمر الذي انعكس في شكل رسوم إضافية على عدة صادرات هندية، وهو ما قد يقيّد وصولها إلى السوق الأمريكية.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

البيت الأبيض: ترامب محبط من سير المحادثات التجارية مع الهند

صفقة النفط

ومن المقرر أن تتسلم شركة "سينيرجيكو"، كبرى شركات التكرير في باكستان، أول شحنة نفط خام أمريكي بواقع مليون برميل في أكتوبر/ تشرين الأول 2025، وذلك ضمن جهود لتنويع مصادر الاستيراد بعيدًا عن الموردين التقليديين في الشرق الأوسط. وتأتي الشحنة من خام "غرب تكساس الخفيف" وستنطلق من ميناء هيوستن إلى ميناء كراتشي.

ويمثل النفط أكبر واردات باكستان، بقيمة بلغت 11.3 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو/ حزيران 2025، أي نحو خُمس إجمالي الواردات الوطنية. كما تستورد إسلام آباد النفط من الإمارات والسعودية والصين، كأبرز الموردين.

شراكة في مجال الطاقة

وتعهد الطرفان بالتعاون في استكشاف وتطوير احتياطيات النفط غير المستغلة، خاصة في إقليم بلوشستان جنوب غرب البلاد، إلى جانب استثمارات أمريكية متوقعة في البنية التحتية لقطاع الطاقة.

وفي سياق التعاون الأمريكي–الباكستاني المرتقب في استكشاف احتياطيات النفط المحلية، خصوصًا في إقليم بلوشستان الغني بالموارد، يُحذر بشير من التحديات المعقدة التي قد تُواجه هذا المسار.

ويشير بشير إلى أن "الجهود الرامية إلى تطوير بلوشستان تواجه مزيجًا من التهديدات الأمنية من الجماعات المتمردة، التي استهدفت في السابق القوات الأمنية والبنية التحتية وحتى وسائل النقل المدني، إلى جانب مشكلات هيكلية مثل ضعف البنية التحتية، والمظالم التاريخية حول ملكية الموارد، وانعدام الثقة تجاه المؤسسات الفيدرالية".

أخبار ذات علاقة

إرم نيوز

يشهد تمردا وهجمات دامية.. إقليم بلوشستان خاصرة باكستان الرخوة

خلفية سياسية واقتصادية

وجاء الاتفاق بعد أشهر من المفاوضات المتوترة، إثر تهديد واشنطن في أبريل/ نيسان 2025 بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الصادرات الباكستانية. ويُنسب الفضل في تجاوز الأزمة إلى الاجتماعات رفيعة المستوى بين وزير المالية الباكستاني محمد أورنجب ونظرائه الأمريكيين في واشنطن.

وكان من الممكن أن تتكبد باكستان خسائر سنوية تتراوح بين 1.1 و1.4 مليار دولار إذا فُرضت الرسوم بنسبة 29%. أما التخفيض الحالي، فسيُخفف من هذا التهديد ويعزز أداء قطاعات تصديرية حيوية مثل النسيج.

ويرى مراقبون أن الاتفاق يعزز مكانة باكستان كشريك اقتصادي محوري للولايات المتحدة، في ظل تحولات في علاقات واشنطن مع دول آسيوية أخرى، أبرزها الهند.

تغيّر في المعادلات

ويرى أميت كومار، الخبير في الشؤون الجيوسياسية بمؤسسة "تاكشاشيلا" البحثية الهندية، أن التحولات الأخيرة في العلاقات الأمريكية–الباكستانية تحمل بُعدًا استراتيجيًا يتجاوز الاقتصاد والطاقة، قائلًا: "منذ عام 1991، سعت الهند إلى تعزيز علاقاتها مع إسرائيل عبر بوابة الولايات المتحدة بهدف عزل باكستان إقليميًا. إلا أن معادلة النفوذ تغيّرت في عهد الرئيس ترامب، إذ تواجه نيودلهي خطر فقدان توازنها الاستراتيجي بسبب تقاربها المتزايد مع الصين وروسيا ودول البريكس ودول الجنوب العالمي".

ويضيف كومار في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن تقارب واشنطن مع إسلام آباد قد يُترجم إلى محاولة لاحتواء كل من الهند وروسيا وربما الصين أيضًا، عبر تعزيز دور الجيش الباكستاني كلاعب إقليمي محوري، مشيرًا إلى أن التوسع الصيني في منطقة الخليج وغرب آسيا أصبح واقعًا لا يمكن إيقافه، مع توقعات بتوسع تجارة الطاقة في المنطقة بشكل كبير.

ويوضح كومار أن "التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة وباكستان سيكون محدودًا بسبب التدخل الكبير للصين في الاقتصاد الباكستاني"، مؤكدًا أن "التعاون الاستراتيجي والسياسي والعسكري والاقتصادي بين واشنطن وإسلام آباد من المتوقع أن يعزز التفاعل الدبلوماسي بينهما، ويسهم في عزل الهند إقليميًا وعالميًا".

أخبار ذات علاقة

مضخات نفط خارج ألميتيفسك في جمهورية تتارستان، روسيا

مصدران حكوميان: الهند ستواصل شراء النفط الروسي رغم تهديدات ترامب

الحقائق حول احتياطيات النفط

ورغم حديث الرئيس الأمريكي عن "احتياطيات نفطية ضخمة" في باكستان، يشير الخبراء إلى أن الاحتياطيات المؤكدة تُقدَّر بنحو 353.5 مليون برميل فقط، ما يضع البلاد في المرتبة 52 عالميًا، وهي كمية تكفي لتغطية أقل من عامين من الاستهلاك المحلي. تنتج باكستان حاليًا حوالي 88 ألف برميل يوميًا، وتستورد 85% من احتياجاتها النفطية، ما يجعل الجانب الأهم في الاتفاق هو الاستكشاف المستقبلي والاستفادة من الخبرة والتقنية الأمريكية.

ورغم محدودية احتياطيات النفط المؤكدة في باكستان، فإنها تحمل إمكانات كافية لتقليل الاعتماد على الواردات إذا ما تم تطويرها باستراتيجيات فعّالة تشمل التكنولوجيا والاستثمار والحوكمة؛ لذا أوضح بشير أن باكستان تُنفق مليارات الدولارات سنويًا على استيراد النفط، ما يضغط على احتياطياتها من النقد الأجنبي. ويمكن لتوسيع الإنتاج المحلي في مناطق مثل بلوشستان والسند وخيبر بختونخوا أن يُحسن أمن الطاقة ويُقلّص العجز التجاري.

نقلة نوعية

وفي هذا السياق، يُمكن للتكنولوجيا والخبرة الأمريكية أن تُحدث تحولًا نوعيًا، من خلال استقطاب شركات الطاقة الأمريكية للمشاركة في مشاريع استكشاف وتطوير مشتركة. 

ويعتمد نجاح هذا المسار على توفير بيئة تنظيمية شفافة، وضمان أمن المستثمرين، واستقرار الأوضاع السياسية. هذا التعاون لا يُعزز فقط إنتاج النفط، بل يخلق وظائف محلية، ويدعم الصناعة، ويُقرب باكستان من هدفها الاستراتيجي في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة.

في النهاية، يُعد الاتفاق التجاري والنفطي بين باكستان والولايات المتحدة نقلة نوعية في علاقاتهما الثنائية، إذ يوفّر تخفيفًا للضغوط الجمركية، ويفتح آفاقًا جديدة في مجال الطاقة، ويُرسي أسسًا لتعاون اقتصادي أوسع في مرحلة تشهد تحولات كبيرة في خريطة التجارة الدولية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC