logo
العالم

بعد نداء زيلينسكي أمام "الناتو".. هل أوشكت ترسانة أوكرانيا على الإفلاس؟

بعد نداء زيلينسكي أمام "الناتو".. هل أوشكت ترسانة أوكرانيا على الإفلاس؟
قصف أوكراني على خطوط المواجهة مع روسياالمصدر: رويترز
26 يونيو 2025، 12:20 م

في مشهد يعكس عمق الأزمة العسكرية والاقتصادية التي تعيشها كييف، وجّه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال مشاركته بقمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في لاهاي، نداءً عاجلًا إلى الحلفاء، مطالبًا بتمويل عاجل يُعيد إنعاش القدرات الدفاعية الأوكرانية، التي باتت – بحسب قوله – على وشك الإفلاس.

وقال زيلينسكي، في كلمة ألقاها خلال منتدى الصناعات الدفاعية بهولندا، إن الطاقة الإنتاجية العسكرية لأوكرانيا تتجاوز 44 مليار دولار، إلا أن نحو 40% منها معطّلة بسبب نقص التمويل.

وأضاف متوسلًا: "أرجوكم زيدوا استثماراتكم في الإنتاج المشترك للأسلحة مع أوكرانيا".

وتزامنت صرخات زيلينسكي مع تحرّكات داخل "الناتو" لرفع سقف الإنفاق الدفاعي الجماعي إلى 5% من الناتج المحلي، في خطوة أعلنها الأمين العام للحلف مارك روته، لكنها لا تزال دون الطموحات الأوكرانية.

والتصعيد الأخير ليس الأول من نوعه؛ فزيلينسكي بات يواظب على قرع أجراس الخطر في كل محفل دولي، خاصة أنه دقّ ناقوس الخطر خلال قمة مجموعة السبع التي عُقدت في 18 يونيو/ حزيران، ومطالبته بتخصيص 40 مليار دولار سنويًا لدعم كييف عسكريًا.

وبينما تسعى كييف للحصول على تمويل عاجل، يبدو أن بعض الدول الأوروبية بدأت في مراجعة أولوياتها الدفاعية، مركّزة على بناء قدرات ذاتية بدلًا من الانخراط في حرب استنزاف طويلة قد لا تُعرف نهايتها.

وفي خضم هذا المشهد المتشابك، يُطرح السؤال الأهم: هل بدأت ترسانة أوكرانيا فعلًا في الانهيار؟ أم أن زيلينسكي يلوّح بالخطر لإحياء تعاطف دولي بدأ يتآكل؟

أخبار ذات علاقة

جلسة لمجموعة السبع وأوكرانيا والناتو

قمة دون مشاركة زيلينسكي.. هل غير "الناتو" أولوياته بسبب إيران؟

 أزمات أوروبية

وبحسب خبراء، فإن التصعيد الأمريكي الأخير داخل حلف الناتو لزيادة الدعم العسكري إلى 5٪ من الناتج المحلي قد يدفع الدول الأوروبية إلى التراجع عن دعم أوكرانيا، في ظل أزمات اقتصادية وتضخّم متزايد.

ولفت الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن زيلينسكي بات يركّز على طلبات لدعم القطاع الصناعي العسكري، رغم الفساد الواضح داخل أوكرانيا، وفقًا لتقارير إعلامية، وذلك وسط مؤشرات على تفكك الإجماع الغربي، وبدء ما وصفوه بـ"نهاية شهر العسل الأوروبي - الأوكراني".

وأضاف الخبراء أن أوكرانيا تواجه استنزافًا فعليًا لقدراتها العسكرية، وسط تقدّم روسي متسارع في الشرق، وتراجع في القدرات البشرية واللوجستية لكييف، وفي الوقت نفسه يُبقي الغرب على الدعم الاستخباراتي، لكنه يرفض تزويدها بأسلحة استراتيجية، وهو ما يُظهر سياسة أمريكية واضحة تهدف إلى استنزاف روسيا دون تغيير موازين الحرب لصالح كييف.

دعم القطاع العسكري

وبهذا السياق، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، كارزان حميد، إن الضغوط الأمريكية المتزايدة على دول "الناتو" لرفع نسبة الدعم العسكري من 2% إلى 5% تمثل تحديًا كبيرًا أمام العواصم الأوروبية، لا سيما مع تقسيم هذا الدعم إلى 3.5% لدعم القطاع العسكري المباشر للحلف، و1.5% لتعزيز البنية التحتية الدفاعية للدول الأعضاء.

وأضاف حميد، لـ"إرم نيوز"، أن هذا التصعيد العسكري والمالي قد يحد من قدرة أوروبا على مواصلة دعمها لأوكرانيا، في ظل أزمات اقتصادية متنامية داخل دول الاتحاد الأوروبي.

وأشار إلى أن خطاب زيلينسكي شهد تحولات لافتة منذ بداية الحرب الروسية في فبراير/ شباط عام 2022، إذ بدأ برفض أي مفاوضات مع موسكو، ثم انتقل إلى المطالبة بزيادة الضغط الدولي على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واليوم يركّز على تعزيز القطاع الصناعي العسكري الأوكراني رغم الفساد داخل أوكرانيا.

وأوضح حميد أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغم إغلاقها الباب أمام انضمام أوكرانيا للناتو، فإنها أبقت على قنوات الدعم الاستخباراتي واللوجستي، وامتنعت عن تزويد كييف بأسلحة استراتيجية ثقيلة؛ ما يعكس استمرار نهج "الاستنزاف طويل الأمد" لقدرات روسيا.

معضلة أوروبية صعبة

وقال حميد إن أوروبا تقف اليوم أمام معضلة صعبة، فهي بين خيارين أحلاهما مرّ، الأول خفض الدعم العسكري لأوكرانيا والتركيز على تطوير القدرات الدفاعية الذاتية؛ ما يتطلب خفضًا في النفقات السيادية وإشراك الشركات ذات الاستخدام المزدوج في مجالات التسلح، وهو خيار محفوف بتحديات قانونية واقتصادية في ظل التضخم والعجز.

أما الخيار الثاني، فيتمثل في الحفاظ على مستويات الدعم أو زيادته، بما يعني زيادة الضرائب، وهو ما قد يفجر غضبًا شعبيًا متصاعدًا، كما يتجلى في الاحتجاجات الفرنسية، وربما يمتد إلى عواصم أوروبية أخرى.

وأكد أنه رغم النمو الكبير في الصناعة العسكرية الأوكرانية من مليار إلى نحو 35 مليار دولار منذ مطلع الألفية، إلا أن ذلك لا يكفي لمواجهة التهديد الروسي المتصاعد.

وهاجم حميد خطابات زيلينسكي في قمم الناتو، معتبرًا إياها تكرارًا لشعارات القادة الأوروبيين، مستشهدًا بتصريح رئيس الوزراء الهولندي مارك روته: "إن لم نطور قدراتنا الدفاعية، فعلينا أن نتعلم الروسية"، متسائلًا: "إذا دخلت موسكو في مواجهة مباشرة مع بروكسل، فهل سيدافع الغرب عن كييف كما يفعل الآن؟ أم أن الهدف هو غرق بوتين في المستنقع الأوكراني؟".

تغير المشهد الأوكراني 

من جانبه، قال مدير وحدة الدراسات الروسية بمركز الدراسات العربية الأوراسية، ديميتري بريجع، إن المشهد العسكري في أوكرانيا بات مختلفًا عما كان عليه، وإن استمرار الحرب لا يخدم مصالح كييف.

وأكد بريجع، لـ"إرم نيوز"، أن القوات الأوكرانية تكبّدت خسائر فادحة في الأرواح والمعدات خلال محاولتها التوغل في مقاطعة كورسك، قبل أن تستعيد القوات الروسية السيطرة الكاملة على المنطقة.

وأشار إلى أن موسكو تحقق تقدّمًا على مختلف الجبهات في دونباس، ورغم ضعف إمكانات أوكرانيا، إلا أنها نجحت في تنفيذ عمليات نوعية، أبرزها "شبكة العنكبوت"، التي شهدت توغّلًا محدودًا داخل كورسك.

واعتبر بريجع أن فرص الحل السياسي والتسوية لا تبدو قريبة، في ظل إصرار روسيا على شروط تشمل "حياد أوكرانيا، نزع السلاح، عدم وجود مستشارين غربيين، واحترام حقوق الناطقين بالروسية، والاعتراف بالمناطق المنفصلة".

أخبار ذات علاقة

لقطة جماعية للمشاركين في قمة الناتو في لاهاي

دول "الناتو" تتعهد بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5%

 تآكل القدرات الأوكرانية

وأكد بريجع أن القدرات الأوكرانية تتآكل تدريجيًا، رغم أن روسيا لم تستخدم كامل قوتها العسكرية حتى الآن، وهو ما يفسر غياب الاختراقات الكبرى، رغم السيطرة على أربع مقاطعات وشبه جزيرة القرم.

ووصف الحرب بأنها حرب استنزاف طويلة تتطلب إدارة دقيقة وتصعيدًا محسوبًا في العمليات.

وبيّن بريجع أن الرئيس زيلينسكي لم يقدم جديدًا يُذكر، مشددًا على أن المفاوضات تظل الخيار الوحيد لتجنّب فقدان المزيد من الأراضي الأوكرانية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC