قال خبراء في الشأن الأمريكي إن أوراق الغلبة في المواجهة القائمة بين أصدقاء الأمس، الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، "متساوية" بينهما، على الرغم من أنها تميل بعض الشيء للأخير، حيث قد يهدد ماسك "إمبراطورية ترامب" من بوابة الكونغرس.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن ماسك يمسك بعدة أدوات، منها ما يُستخدم في "الضرب تحت الحزام"، والتي كان أحد فصولها فضيحة إبستين الجنسية، إلى جانب تهديده بتمويل الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس وفوزهم بالأغلبية، وهو الأمر الذي قد يكتب شهادة وفاة لولاية ترامب، في حين أن القوانين الأخيرة الخاصة ببعض الإعفاءات الضريبية التي أنجزها الرئيس الجمهوري تضرب مصالح استثمارية لماسك، وعلى رأسها صناعة السيارات الكهربائية التي تقوم عليها أهم ذراع في إمبراطورية الملياردير الأمريكي، وهي "تسلا".
وكان ترامب صرّح مؤخرا بأن هناك "عواقب وخيمة" إذا موّل ماسك مرشحي الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات التجديد النصفي للكونغرس ضد الجمهوريين، وذلك في وقت أثار فيه الخلاف بين الرجلين قلقا في الأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية؛ لما قد يخلفه من تأثيرات سلبية كبيرة على المجالين.
ويؤكد الباحث في الشؤون الأمريكية عادل حجازي أن القوانين الأخيرة الخاصة ببعض الإعفاءات الضريبية التي أنجزها ترامب تضرب مصالح استثمارية لماسك، وعلى رأسها صناعة السيارات الكهربائية، التي تمثل الذراع الأهم في إمبراطوريته الاقتصادية.
وأضاف حجازي في حديثه لـ"إرم نيوز" أن ترامب يعلم جيدًا أن ماسك لن يكتفي بدعم الديمقراطيين وتمويل حملاتهم في انتخابات الكونغرس لتكوين جبهة ضده، بل سيذهب إلى دعم جمهوريين يتصدرون المشهد الانتخابي في بعض الولايات وينتمون لتيار غير راضٍ عن السياسات التي انتهجها ترامب، في ظل تجهيز قوائم مرشحين داخل الحزب الجمهوري تعمل على إبعاد بعضهم بسبب مواقفهم الناقدة لسياساته، لا سيما بشأن التعريفات الجمركية.
ويرى حجازي أن ترامب يضع في اعتباره خطورة تمويل ماسك لحملات مرشحين قد يفوزون بمقاعد في الكونغرس ويكوّنون جبهة معارضة له، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين.
وتابع أن ترامب يدرك مهارة ماسك في العمل التسويقي والدعائي، إلى جانب نفوذه المالي في الحملات الانتخابية، وهي عناصر كان لها دور كبير في فوز ترامب نفسه في انتخابات رئاسية سابقة، أدارها صديق الأمس بكفاءة.
وأشار إلى أن الغلبة حتى الآن تتأرجح، وإن كانت أوراق اللعب لصالح ماسك أقوى في هذا التوقيت، في ظل تعدد الجبهات التي فتحها ترامب داخليًا وخارجيًا، حتى لو راهن الأخير على توجيه ضربات قانونية ضد شركات ماسك، في ظل أزمته القائمة بالفعل مع بعض المساهمين الذين يحملونه مسؤولية تراجع أداء "تسلا"، بسبب انشغاله بمعاركه السياسية وموقعه في هيئة الكفاءة الحكومية.
لكن ترامب يواجه ضغوطا خارجية أيضا، في ظل مواجهته مع الصين، وصداماته مع الأوروبيين، والأهم من ذلك تعامله مع الملفات الداخلية كالهجرة وارتفاع الأسعار بفعل سياساته الاقتصادية، وهو ما قد يضر بقيادته للجمهوريين في انتخابات الكونغرس، حتى وإن تبقى عليها أكثر من عام ونصف العام، بحسب حجازي.
من جانبه، قال الخبير في الشؤون الأمريكية راضي الرازي إن الأزمة بين ترامب وماسك تتسم بالغليان، في ظل ما يراه الطرفان من "خيانة متبادلة"؛ ما يعمّق التصعيد ويُفشل أي محاولات للتهدئة، خاصة من أصحاب المصالح في فريقي الرجلين؛ لأن هذه الحرب لن تضر بهما فقط، بل ستطول آخرين نظرا لتشابك الملفات.
وأضاف الرازي لـ"إرم نيوز" أن تصدّر أزمة ترامب وماسك لوسائل الإعلام الأمريكية بمختلف توجهاتها، سيكون له دور كبير في تعميق الخلاف، خاصة أن هناك من يراهنون على استمراره، وينفقون الأموال على حملات دعائية مدفوعة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تشهد متابعة شعبية كبيرة في الولايات المتحدة، لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية متقاطعة.
ويرى الرازي أن ماسك يملك أدوات تأثير "تحت الحزام"، ظهر جانب منها في فضيحة إبستين الجنسية بالاعتداء على قاصرات، حيث يلمّح إلى امتلاكه أدلة على تورط ترامب فيها؛ ما يشير إلى أن لدى الملياردير الأمريكي أوراقًا قوية قد يستخدمها في لحظة ما، في حين أن شبهات مشابهة لا تؤثر على ماسك بالقدر الذي قد تُلحق ضررا فادحا بترامب.
ولفت الرازي إلى أن ماسك يتمتع بنفوذ كبير في مؤسسات حكومية وفيدرالية أمريكية، خصوصا وزارة الدفاع، بسبب شراكات تعود إلى ما قبل رئاسة ترامب، وهو ما يُعد سلاحا ذا حدين؛ فقد يعزز موقعه في المواجهة، لكن يمكن أيضا أن يُستخدم ضده، إذا قرر ترامب تجميد تلك العقود أو إلغاءها؛ ما قد يترتب عليه تفعيل شروط جزائية تُشكل ضربة قاصمة لماسك.
وختم الرازي بقوله إن تهديد ماسك بتمويل الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس وفوزهم بالأغلبية، سيكتب شهادة وفاة لولاية ترامب، التي تنتهي في بداية عام 2029؛ لأن أي قانون أو برنامج للرئيس الجمهوري سيصطدم حتما برفض الديمقراطيين داخل الكونغرس.