تتعزز مؤشرات الحرب المباشرة بين الولايات المتحدة وفنزويلا، فبينما يدرس الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب العمل العسكري، وحشد القوات في منطقة البحر الكاريبي، وإرسال قاذفات بي-52، يرد نيكولاس مادورو بالمثل، حيث يعيد نشر القوات، ويحشد "الملايين" من أفراد الميليشيات.
وبينما أقر مسؤولو إدارة ترامب بشكل خاص بأن حملة الضغط الأمريكية المتصاعدة تهدف إلى الإطاحة بمادورو، صعّد الرئيس الفنزويلي بدوره من خطابه ودعايته للفنزويليين، داعيًا إلى تدريبات عسكرية جديدة من قبل القوات المسلحة الوطنية البوليفارية، التي يبلغ عدد أفرادها حوالي 123 ألف فرد.
ووفق تقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية، فإن فنزويلا تعيش أجواء حرب في تعاطٍ جدي لتحريك الجيش الأمريكي سفنًا حربية وأسلحة أخرى، واستهداف قوارب قبالة سواحل البلاد، إذ أعلن مادورو تشكيل ميليشياته التطوعية التي تضم أكثر من 8 ملايين جندي احتياطي، وهو رقم يشكك فيه خبراء.
ويوم أمس الجمعة، جرى تسليح 20 ولاية فنزويلية من أصل 23 ولاية في إطار التعبئة العسكرية لمادورو، المسماة "استقلال 200".
ويسود الغموض في نوايا الإدارة الأمريكية تجاه الزعيم الفنزويلي، فبينما فُهم من العديد من التصريحات أن واشنطن تسعى للإطاحة بمادورو عبر عمل عسكري مباشر، تنقل "سي إن إن"، عن مصادر بأن إدارة ترامب تهدف للضغط عليه للتنحي من تلقاء نفسه.
وأضافت المصادر أن الضربات الأخيرة ضد قوارب المخدرات المزعومة في منطقة البحر الكاريبي، تُمثل رسالة واضحة لمادورو، مشيرة إلى أن الإدارة كانت متعمدة للغاية في ربط الزعيم الفنزويلي بعصابات وعصابات التهريب.
وقال ترامب يوم الأربعاء إنه سمح لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالعمل داخل فنزويلا للحد من تدفق المهاجرين والمخدرات منها، لكنه لم يصرّح بأنهم سيحاولون إزاحة مادورو، وتُعد هذه التصريحات الأكثر شمولية لترامب بشأن قراره توسيع صلاحيات وكالة المخابرات المركزية لتشمل عمليات استهداف قاتلة وعمليات سرية في المنطقة.
في المقابل، يرد مادورو عبر محاولة تمتين جبهته الداخلية، ففي نهاية سبتمبر/ أيلول، أعلنت الحكومة أن الرئيس وقّع مرسومًا بـ"الاضطرابات الخارجية"، وصفه بأنه "أداة دفاع دستورية في حال تعرض البلاد لعدوان عسكري".
ومن شأن مرسوم حالة الطوارئ أن يسمح لمادورو بتقييد الضمانات الدستورية، ووفقًا للمحللين، فإنه سيمنحه سلطات سياسية واجتماعية واقتصادية واسعة.
ترى "سي إن إن" أن الحجة القائلة بأن تجار المخدرات يشكلون تهديدًا وشيكًا للأمريكيين، هي جوهر التبرير القانوني السري الذي قدمته إدارة ترامب لتنفيذ ضربات عسكرية على قوارب المخدرات المزعومة في منطقة البحر الكاريبي، وربما أبعد من ذلك.
ويتضمن رأي وزارة العدل أيضًا قائمة سرية وموسعة للمجموعات التي تزعم إدارة ترامب أنه يمكن الآن التعامل معها كمقاتلين أعداء، وليس مجرمين، وبالتالي يمكن قتلها بإجراءات موجزة دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة بناء على توجيهات الرئيس.
وقال خبراء قانونيون إن هذا الرأي مهم لأنه يبدو وكأنه يبرر حربًا مفتوحة ضد قائمة سرية من الجماعات، وربما يوفر ذريعة لعمل عسكري أمريكي أحادي الجانب ضد مجموعة واسعة من الأهداف في المنطقة.
وفي البنتاغون، أثار بعض المحامين العسكريين، بما في ذلك خبراء القانون الدولي في مكتب المستشار العام بوزارة الدفاع، مخاوف بشأن قانونية الضربات القاتلة على تجار المخدرات المشتبه بهم، حسب ما نقلت "سي إن إن" عن مصادر مطلعة.
كما يشكك محامو البنتاغون بقدرة المعارضة الداخلية على أن تثني إدارة ترامب عن مواصلة حملتها العسكرية في المنطقة.
وظهرت أحدث إشارة إلى المخاوف الداخلية بشأن هذه الضربات يوم الخميس، عندما أعلن الأدميرال المشرف على القيادة الجنوبية الأمريكية، المسؤولة عن القوات في منطقة البحر الكاريبي، أنه سيتقاعد بعد عام واحد فقط من توليه منصبه.