كشف تقرير حديث أن الولايات المتحدة تواجه ثلاثة سيناريوهات محتملة في تعاملها مع فنزويلا، في ظل تصاعد التوترات بعد فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام، وتصاعد القلق الأمريكي بشأن مستقبل الديمقراطية في البلاد.
وتشير تقديرات "فورين بوليسي" إلى أن واشنطن قد تلجأ إما إلى دعم انتفاضة داخلية ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أو شنّ ضربات عسكرية مباشرة، أو مواصلة الضغط الدبلوماسي لتحقيق انتقالٍ سلمي، وبينما يبقى كلُّ خيارٍ محفوفًا بالمخاطر والصعوبات، فإن تحرّك واشنطن قد يحدّد مستقبل فنزويلا والسياسات الأمريكية في المنطقة، وأصبح السؤال الكبير هو: ما نهاية اللعبة الأمريكية في هذا البلد المضطرب؟
ثورة على الورق
قدّمت الولايات المتحدة خيارًا يعتمد على تحرّك داخلي في فنزويلا، بقيادة عناصر من الجيش أو مظاهرات المعارضة، مع دعمٍ لوجستي واستخباراتي أمريكي جزئي؛ فماتشادو دعت بالفعل إلى حملة "عصيان" ضد مادورو، مدعيةً أن لديها مصادر داخل القوات المسلحة. غير أنّ هذا السيناريو يعتمد على قدرة الفنزويليين أنفسهم على قلب الوضع، بينما تظل واشنطن في الخلفية. لكن الحقيقة تشير إلى صعوبة تنفيذه؛ فقد أقامت الحكومة نظام قمعٍ فعّال منذ الانتخابات الأخيرة، واضطرت المعارضة إلى الاختفاء أو اللجوء إلى الخارج، فيما يحافظ الأمن والميليشيات الحكومية على سيطرةٍ صارمة.
ويرى الخبراء أن هناك خيارًا آخر يتمثل في تنفيذ ضرباتٍ مباشرة على مواقع الجيش الفنزويلي أو استهداف القيادة العليا لمادورو، وربما استخدام قواتٍ خاصة لإلقاء القبض عليه، لكن هذا الخيار محفوف بالمخاطر؛ فالفنزويليون يمتلكون شبكة دفاع جوي متطورة، إضافة إلى ميليشيات مسلحة وميليشيات مدنية تتلقى تدريباتٍ مستمرة، ولذلك فإن أي تدخلٍ عسكري أمريكي مباشر قد يجرّ البلاد إلى فوضى مستمرة، على غرار السيناريو الليبي، مع احتمالية امتداد العنف إلى دول الجوار وتأجيج صراعات إضافية.
الضغط المدروس
وبحسب مراقبين، فإن السيناريو الأكثر احتمالًا هو استمرار واشنطن في ممارسة الضغط الدبلوماسي على مادورو عبر التفاوض المباشر وغير المباشر، مع التركيز على مصالح استراتيجية أوسع تشمل الطاقة والأمن والهجرة، إلى جانب الديمقراطية. في هذا السياق، يمكن إعادة تفعيل خطة الانتقال الديمقراطي السابقة، والتي تقترح إصلاحاتٍ تدريجية وتقاسم السلطة بين المعارضة والحكومة مقابل تخفيف العقوبات، مع وضع مراحل محددة وآليات لقياس الالتزام. هذا النهج يحدُّ من المخاطر ويتيح فرصةً لتحقيق نتائج ملموسة دون الانزلاق إلى صراعٍ مسلح قد يدمر الدولة.
ويرى محللون أن هذه الخيارات الثلاث وضعت واشنطن أمام مفترق طرق صعب، غير أن السيناريو الأخير قد يبدو الأكثر واقعية؛ لأنه يتيح فرصةً لتحقيق أهداف استراتيجية ملموسة دون زعزعة استقرار فنزويلا، وفي حال نجاحه سيكون إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا يُضاف إلى سجل الإدارة الأمريكية.