أكد خبراء مختصون في شؤون الشرق الأوسط وإيران أن المتهم الأول في اختراق الداخل الإيراني، وتحول البلاد إلى ملعب للموساد الإسرائيلي على كافة المستويات، هم قيادات ومسؤولون في الأجهزة الاستخباراتية والأمنية والعسكرية.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن وقائع عدة تكشف "كارثية" الاختراق الواضح للأجهزة الاستخباراتية والعسكرية والمعلوماتية الإيرانية، والذي تجلى في عمليات نفذها الموساد الإسرائيلي ضد أهداف إيرانية في قلب طهران وفي الخارج، ولم يكن هناك أي إجراءات من قيادة البلاد أو عمليات تغيير واسعة في هذه المواقع، مما جعل إسرائيل وأجهزة غربية تستبيح جميع المعلومات والأسرار التي تتعلق بالأمن القومي الإيراني.
وكان جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني قد حذّر من أن أي تعاون استخباراتي مع الموساد، أو تواصل مع أفراد مرتبطين بالكيان الصهيوني، يُعد جريمة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات، مع تشديد خاص على جريمة تبادل المعلومات مع الموساد أو التواصل مع أفراد رسميين وغير رسميين تابعين للكيان الصهيوني، أو تنفيذ أعمال ثقافية أو إعلامية أو دعائية تدعم إسرائيل.
ويُعد هذا التحذير بمثابة اعتراف من قلب طهران بأن لعملاء "الموساد" دورا كبيرا في الهجمات الأخيرة داخل إيران.
وتزامن ذلك مع إعلان قوات الشرطة الإيرانية "فراجا"، مؤخرا، أن عناصر منظمة استخبارات شرطة محافظة البرز شمال إيران تمكنوا من اعتقال شخصين من أعضاء فريق إرهابي تابع للموساد الإسرائيلي. وبحسب بيان الشرطة، فإن المعتقلَين كانا يعملان في منزل جماعي بمنطقة ساوجبلاغ على تصنيع قنابل ومواد متفجرة وفخاخ تفجيرية، بالإضافة إلى تجهيزات إلكترونية تُستخدم في العمليات الإرهابية.
ويرى المختص في الشأن الإيراني، سامر عراوي، أن إيران تأخرت كثيرا في التعامل مع الاختراق، الذي بات ظاهرا للعلن في عدة مشاهد كانت تتطلب أن تتغير كثير من الشخصيات المعنية بالأمن الخارجي والداخلي.
ويؤكد عراوي لـ"إرم نيوز" أن الأزمة ليست في مواطنين أو أشخاص عاديين أو حتى عناصر في الداخل الإيراني يعملون لصالح الموساد أو حتى لأجهزة غربية تتعاون مع إسرائيل، أو من تسللوا وأقاموا شبكات داخل إيران.
وبيّن عراوي ذلك بالقول إن ما تعرّضت له إيران جاء بفعل قيادات ومسؤولين في الأجهزة الاستخباراتية والأمنية والعسكرية من قلب النظام، ممن يمتلكون المعلومات والصور والتقارير التي لا تحتاج إلى إعادة عمل من جانب إسرائيل لتنفيذ عمليات قصف أو اغتيالات، إذ تكون جاهزة ومؤهلة وتجعل أمن إيران "كتابا مفتوحا".
وأضاف المختص بالشأن الإيراني أن العناصر المدنية أو المتسللين من الموساد أو العاملين لصالحه، على الرغم من أن ذلك يمثل اختراقًا لوظيفة هذه الأجهزة، إلا أنهم في النهاية يقدمون معلومات يتطلب العمل عليها وقتا طويلا من جانب الموساد لتنفيذ عملية عامة، أما العمليات النوعية التي تستهدف قيادة أو شخصية سياسية حاكمة أو موقعا نوويا سريا، فهذه تتم عبر ملفات جاهزة يتم الحصول عليها من مسؤولين عسكريين كبار أو معنيين بالاستخبارات والأجهزة الإيرانية.
وشدّد عراوي على أن الاختراق تتحمل مسؤوليته قيادات في النظام وكبار قادة الأجهزة الأمنية، وأصغر ثغرة في هذا السياق تتمثل في العملاء المدنيين أو من هم ليسوا عسكريين ويتعاملون مع الموساد وأجهزة غربية، أو حتى وجود أفراد من الموساد في الداخل؛ لأن السبب الأكبر في الاختراق هو إتمام إسرائيل وحلفائها عملية تحكم "كنترول" طويلة المدى منذ فترة على قيادات في تلك الأجهزة، قاموا بإمداد تل أبيب بالمعلومات الأهم التي جعلت إيران مستباحة بهذا الشكل.
من جانبه، قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط، راضي الرازي، إن الاختراق الاستخباراتي من جانب تل أبيب لطهران يوضح أن هناك خلايا وشبكات تعمل من الداخل تفوق قدرات أجهزة الاستخبارات الإيرانية. وأكبر دليل على ذلك، والذي كان يستوجب ثورة تصحيح داخل الأجهزة العسكرية والاستخباراتية، هو حادث اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، إسماعيل هنية، الذي قُتل في قلب طهران.
وأضاف الرازي لـ"إرم نيوز" أن ناقوس الخطر كان قد دقّ من قبل في قلب دمشق، من خلال ساحة كانت تسيطر عليها طهران حتى قبل كانون الأول/ ديسمبر 2024، ليكون الاختراق واضحا في نيسان/ أبريل 2024، بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق، التي كان يتواجد فيها قادة الحرس الثوري الإيراني، وهي عملية استخباراتية بامتياز، يتحمل مسؤوليتها قادة الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية، إضافة إلى الاختراق الأكبر المتمثل في اغتيال الرجل الأهم عسكريا في إيران، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني.
وأوضح أن ما قامت به إسرائيل من اختراق هو عملية مستمرة منذ سنوات، ومن الطبيعي أن تكون أولى الجهات القادرة على رصده هي الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإيرانية نفسها، وصولًا إلى القيادة العليا في البلاد، التي كانت على علم بذلك، لأن ما هو معلوم للعلن من عمليات ضرب داخل إيران كثير، متسائلًا: "فأين كان تعامل الأجهزة هنا؟!"
وختم بالقول إن وقائع عدة كارثية تكمن في الاختراق الواضح للأجهزة الاستخباراتية والعسكرية والمعلوماتية الإيرانية، ولم تكن هناك، على الأقل، إجراءات أو عمليات تغيير واسعة في هذه المواقع؛ ما جعل إسرائيل وأجهزة غربية تستبيح جميع المعلومات والأسرار التي تتعلق بالأمن القومي الإيراني.