logo
العالم

"شهادة وفاة" لأذرع إيران.. ما انعكاسات الضربات الإسرائيلية على طهران؟

"شهادة وفاة" لأذرع إيران.. ما انعكاسات الضربات الإسرائيلية على طهران؟
عناصر من مليشيا الحشد الشعبي المصدر: منصة إكس
19 يونيو 2025، 3:43 م

يرى خبراء في العلاقات الدولية وشؤون الشرق الأوسط أن المواجهة المستمرة بين إسرائيل وإيران تُنذر بتغيرات جوهرية في خريطة النفوذ الإيراني في المنطقة، من اليمن والعراق إلى سوريا ولبنان، حيث كانت طهران تعتمد على أذرعها العسكرية، وعلى رأسها ميليشيا "حزب الله"، كخط دفاع متقدم يردع خصومها الإقليميين.

وأكد الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الضربات الإسرائيلية، في حال نجحت في تحقيق أهدافها داخل الأراضي الإيرانية، ستحمل في المقابل "شهادة وفاة" لميليشيات طهران وأذرعها الإقليمية.

وهذه الميليشيات باتت فاقدة للمبادرة وعاجزة عن أداء أي دور فاعل بعد سلسلة من الضربات المؤلمة التي تلقتها خلال الأشهر الأخيرة، ما أنهى فعليًا قدرتها على التأثير، بعد أن كانت تُشكّل تهديدًا حقيقيًا لـ"تل أبيب" في فترات سابقة.

تراجع النفوذ الإيراني الإقليمي

وبحسب الخبراء، فإن انهيار خريطة النفوذ الإيراني في المنطقة سيمثل أحد أبرز التحولات السياسية والعسكرية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، في ظل الحديث عن تحرك عسكري مرتقب يستهدف الميليشيات العراقية الموالية لطهران بمشاركة أمريكية، بالتوازي مع تحرك دولي لإنهاء تهديد الحوثيين في اليمن، وذلك بعد أن تم تقويض القدرات العسكرية لحزب الله وتدمير ترسانته، إضافة إلى ما حدث لحركة حماس منذ هجومها في 7 أكتوبر 2023.

ويؤكد خالد العزي، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية في بيروت، أن ما بعد الضربات الإسرائيلية لن يكون كما قبلها، لافتًا إلى أن خريطة النفوذ الإيراني ستتراجع بصورة كبيرة، في ظل فقدان طهران لأذرعها التي لطالما استخدمتها كأدوات نفوذ إقليمي.

وقال العزي في حديثه لـ"إرم نيوز" إن "طهران صوّرت نفسها طوال سنوات على أنها الزعيم المحاط بأذرع حماية تقوم بالدفاع عنه عند التعرض لأي تهديد، إلا أن هذه الأذرع تلقت ضربات قاصمة خلال العامين الماضيين في إطار خطة إسرائيلية متواصلة، بدعم أمريكي منذ أكتوبر 2023، وهو ما أدى إلى تآكل النفوذ الإيراني تدريجيًا من العراق إلى لبنان وسوريا واليمن".

إيران تعتمد على ذاتها بعد تآكل أذرعها

ويشير العزي إلى أن تل أبيب اتبعت استراتيجية دقيقة لتجريد أذرع إيران من قدراتها، قبل أن تبدأ مباشرة باستهداف الداخل الإيراني، حيث تم استنزاف مخزون الصواريخ والطائرات المسيّرة، وتم تفريغ أدوات التهديد من محتواها تدريجيًا.

وأضاف: "الضربات الموجعة لحزب الله والحوثيين وحماس، إضافة إلى تردد الميليشيات العراقية في التحرك خشية التعرض لهجمات مشابهة، تؤكد أن طهران لم تعد تملك أوراقها السابقة".

ويرى العزي أن النظام السوري أيضًا لم يعد قادرًا على لعب أي دور محوري في المعادلة، وأن تل أبيب لن تتوانى عن توجيه ضربات في عمق دمشق إذا لزم الأمر، معتبرًا أن إيران الآن مضطرة للاعتماد على إمكانياتها الذاتية وعلى أدواتها الدبلوماسية في ظل انكشاف أذرعها الإقليمية.

وأضاف: "أذرع إيران، بعد أن باتت غير قادرة على تقديم المساندة، دفعت طهران إلى الاعتماد على صواريخها وتحالفاتها مع بعض الدول الصديقة أو المحايدة لتخفيف حدة الأزمة، غير أن هذا الخيار مكلف، وثمنه سيكون غاليًا، وفي مقدمته خسارة نهائية لتلك الأذرع بعد إضعافها".

وأشار إلى أن حزب الله – وهو الأهم بين الأذرع – توقف عند حدود إصدار بيانات شجب واستنكار، بسبب ما تعرض له من ضربات في الحرب الأخيرة على لبنان، في ظل معارضة البيئة الحاضنة له لأي تورط جديد قد يجر البلاد إلى أزمات أكبر.

الحوثيون والميليشيات العراقية في موقف حرج

وفيما يتعلق بالحوثيين، يرى العزي أنهم قد يستمرون في إطلاق صواريخ متفرقة، رغم وجود تفاهمات مع الولايات المتحدة قد تُشكّل خطًا أحمر أمام أي تصعيد واسع.

أما الميليشيات العراقية، فيُحذر من أن أي تحرك منها سيُجر العراق إلى ساحة المواجهة، خاصة في ظل الحضور العسكري الأمريكي القوي، ومحاولات الحكومة العراقية الحفاظ على توازن داخلي هشّ.

اتفاق نووي محتمل بلا أذرع عسكرية

ومن جانبه، يرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط، شاكر داموني، أن الضربات الإسرائيلية إذا ما استمرت وحققت أهدافها، فإنها ستُنهي الدور السياسي والعسكري لتلك الميليشيات بشكل كامل، حتى في حال التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين واشنطن وطهران.

وقال داموني لـ"إرم نيوز": "الولايات المتحدة قد تُدرج تفكيك تلك الأذرع كجزء من شروط الاتفاق، وهو ما سيدفع طهران للتخلي عنها أو تركها لمصيرها. النظام الإيراني أصبح يرى أن تكلفة الاحتفاظ بهذه الأذرع باتت أعلى من العائد السياسي أو العسكري الذي توفره".

وأضاف أن إيران لم تتوقع انهيار منظومتها الإقليمية بهذه السرعة وبهذه الحدة، مشيرًا إلى أن إزالة نفوذها سواء في لبنان أو اليمن أو العراق تحتاج إلى "عملية تنظيف" دولية شاملة، ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالمواجهة الجارية بينها وبين إسرائيل، وفي ظل عودة قوى محلية داخل هذه الدول تضررت سابقًا من الميليشيات وتسعى لمنع أي محاولات لإحيائها.

واختتم داموني بالقول إن إسرائيل تعاملت بذكاء في هذه المرحلة، إذ حرصت على إضعاف الأذرع قبل الدخول في مواجهة مباشرة مع طهران، وعلى رأسها "حزب الله" وحركة "حماس"، ما يمهّد الآن لمرحلة جديدة من الصراع، سيكون عنوانها الأبرز القضاء على الميليشيات العراقية بغطاء أمريكي، تليها مرحلة أكثر شمولًا لاستئصال الحوثيين في اليمن، ضمن تحرك دولي أوسع.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC