الجيش الإسرائيلي يعلن شن سلسلة غارات على منطقة البقاع شرق لبنان
قالت صحيفة "المونيتور"، إن إيران تسير، في أعقاب حربها القصيرة والمريرة مع إسرائيل، على خطٍّ دقيقٍ ومدروس، يتمثّل في تصعيد "الغموض النووي" لردع أي هجمات مستقبلية، مع إبقاء يدها ممدودةً للدبلوماسية.
وبحسب الصحيفة، فإنه في أعقاب الحرب بين إيران وإسرائيل التي استمرت 12 يومًا؛ وهي المواجهة الأكثر مباشرة وتدميرًا بين العدوين اللدودين حتى الآن، أصبح الخطاب النووي الإيراني أكثر غموضًا وتضاربًا من الناحية الاستراتيجية.
وأضافت أنه لم يهدأ غبار الحرب في أرجاء المؤسسة السياسية في إيران، إذ كشف وعمّق الخلافات بين المتشددين الذين يطالبون إيران بالمضي قدمًا في التسلح النووي، والمعتدلين الذين يسعون إلى إبقاء باب الدبلوماسية مع الغرب مفتوحًا؛ ولو لمنع المزيد من الدمار.
ورغم أن الصواريخ توقفت عن التحليق منذ أسابيع، فإن انقسامات داخلية جديدة ومهمة لا تزال تظهر بشأن مسألة مستقبل البرنامج النووي الإيراني والرسائل التي تختار طهران إرسالها إلى المجتمع الدولي؛ أو إخفائها عنه.
وتابعت أن الأصوات المتشددة داخل إيران استغلت النبرة الوجودية للحرب للمطالبة بتغيير استراتيجي حاسم نحو التسلح النووي؛ ووفقًا لمنطقهم، فإن الرادع الحقيقي الوحيد ضد أي ضربات إسرائيلية أو أمريكية مستقبلية هو امتلاك قنابل نووية فعلية.
وبينما يجادل المتشددون بأن "ضبط النفس الاستراتيجي" جعلهم عرضة للخطر، فإنهم يبررون هذا المنظور بالإشارة إلى دقة حملة الاغتيالات الإسرائيلية التي أودت بحياة العشرات من كبار القادة وأكثر من اثني عشر عالمًا نوويًا.
وأشارت الصحيفة إلى أن القيادة الإيرانية تواصل إرسال إشارات محسوبة النوايا الدبلوماسية، لا سيما تجاه الولايات المتحدة.
فعلى سبيل المثال، محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان المحافظ، أقرّ في مقابلة مع هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية يوم الخميس بأن الدبلوماسية لا تزال "أداة مقاومة".
ورغم وضع شروط صارمة، منها تخفيف العقوبات، وضمانات أمنية، وتعويضات عن دمار الحرب، أكد قاليباف أن طهران لا تزال ترى في التفاوض مسارًا قابلًا للتطبيق.
ومن جانبه، اتخذ الرئيس مسعود بزشكيان موقفًا أكثر اعتدالًا، ولم يستبعد أي تعاون مستقبلي؛ حيث أبلغ رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا أن إيران لا تزال ملتزمة "بالحوار والدبلوماسية والقانون الدولي"؛ شريطة أن يبادلها الغرب الشعور نفسه.
"الطاقة الذرية" والارتباك القانوني
ولفتت الصحيفة إلى أن أبرز مظاهر التوتر ترتبط بعلاقة إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث أصدر البرلمان بداية تشريع يقضي بتعليق أشكال التعاون جميعها.
وفي حين أعلن وزير الخارجية عراقجي أن إيران لا تزال ملتزمة بمعاهدة حظر الانتشار النووي واتفاقية الضمانات الخاصة بها، مؤكدًا أن جميع القرارات المتعلقة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ستمر الآن عبر المجلس الأعلى للأمن القومي، يبدو هذا التناقض مُتعمّداً؛ إذ يسمح لإيران بالحفاظ على مظهر الامتثال أمام الرأي العام الدولي، بينما تُرضي المتشددين في الداخل.
أين اليورانيوم؟
وخلُصت الصحيفة إلى أن جوهر الغموض يتعلق الآن بحالة وموقع مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، والذي يُقال إنه يزيد عن 400 كيلوغرام.
وبينما يُعدّ هذا النقص في الشفافية جوهر استراتيجية إيران الحالية، فإن إبقاء العالم في حيرة من أمره، بشأن المخزون، وتقدم التخصيب، ونواياها، يُعزز من قدرة طهران التفاوضية، بينما تأمل في بثّ الشك والانقسام بين خصومها، بحسب التقرير.
وأردف "يبدو أن طهران ترى أن سياسة الغموض الحالية قد تؤدي وظائف متعددة؛ فهي تكسب الوقت، وتختبر العزيمة الدولية، وتُجبر الخصوم على التفكير في تكاليف التصعيد".
وتابع تقرير الصحيفة "علاوة على أنها تُحافظ على الخيار، أي القدرة على تغيير المسار نحو الدبلوماسية إذا تحسنت الظروف، أو التصعيد إذا لم تتحسن".