في خطوات هادئة، يعمل رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، على تهيئة كل الطرق أمام وصوله إلى سدّة رئاسة البلاد، متجاوزًا الرئيس فولوديمير زيلينسكي، ووعدًا سابقًا بينهما.
وتكشف تقارير محلية عن أن بودانوف العسكري الصارم الذي تُنسب إليه مسؤولية تفجير جسر القرم، بدأ الدخول إلى الساحة السياسية في بلاده، وبشكل سري مع شبكة من المؤسسات الخيرية تُعرف باسم منظمة حماية الدولة، قد تكون قاعدة انطلاق للطموحات السياسية لرئيس الاستخبارات.
ويعتقد مراقبون، أن دخول بودانوف معترك السياسة يعد "خطرًا وجوديًّا" على زيلينسكي، الذي كان اشترط على رئيس الاستخبارات العسكرية ألا يقف في مواجهته إذا قرر الترشح للرئاسة مجددًا، بعد انتهاء الحرب ورفع الأحكام العرفية في البلاد.
وقد يحظى بودانوف الذي يعمل على إنشاء حزب يتزعمه، بدعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خصوصًا أن الأخير دأب منذ عودته إلى البيت الأبيض على انتقاد زيلينسكي علنًا، محمّلًا إيّاه مسؤولية استمرار الحرب، بل إنه وصفه بـ "دكتاتور" من دون انتخابات".
وطالب ترامب أكثر من مرة زيلينسكي أن يتنحى و"إلا فلن يبقى له بلد"، في إشارة إلى أنه يفضّل المضي في الخيار العسكري مع روسيا، بينما يُعرف بودانوف رغم "عسكريته الشديدة" بميله إلى "الحل السياسي" مع موسكو.
في أكتوبر 2022، بعد ستة أشهر من بدء الحرب، اتهم جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، بودانوف، بأنه العقل المدبر لتفجير جسر القرم، وهي العملية "الغامضة" التي أزعجت موسكو حينها، والتي كانت تعتبر المنطقة من أكثر المناطق أمنًا وحماية.
برز حينها نجم بودانوف، المولود في الـ4 من يناير لعام 1986 بالعاصمة كييف، ليتم الكشف عن إحدى أكثر المعلومات إثارة في سجله العسكري، أنه كان أحد الجواسيس الأوكرانيين في روسيا في سنوات قبل حرب العام 2022، وتعرّض حينها لمحاولة اغتيال بزرع قنبلة أسفل سيارته.
ورغم ميله لـ "الحل السياسي" مع روسيا، فإن بودانوف دأب على إطلاق التصريحات "الصاخبة" ضد موسكو، متعهدًا أكثر من مرة باستعادة السيطرة على كل الأراضي الأوكرانية "المحتلة" بما في ذلك جزيرة القرم.
وزعم بودانوف في تصريحات سابقة أن الجيش الروسي يتكبد "خسائر جسيمة" بفضل العمليات العسكرية الأوكرانية، فضلًا عن أن الجهاز الاستخباراتي الذي يرأسه، "يمتلك جميع المعلومات الخاصة بالجيش الروسي بما في ذلك خططه العسكرية".
ووفق قناة "سكاي نيوز" البريطانية، فإن بودانوف يقف وراء حملة إعلامية كانت موجّهة لزعزعة الاستقرار في روسيا، منها ادعاؤه أنه كان يجري التحضير لانقلاب في موسكو ضد الرئيس فلاديمير بوتين الذي زعم أنه "يعاني من السرطان".
في العام الماضي، أثار تصريح للرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، في مقابلة تلفزيونية نشرت تفاصيلها وكالة رويترز، جدلًا واسعًا في أوكرانيا، بعد زعمه أن بودانوف "قد يأمر بتصفية زيلينسكي".
وقال لوكاشينكو حينها "في النهاية، سيرسل كيريل بودانوف شخصًا ما سيقوم بتصفية زيلينسكي باعتباره خائنًا. وعلينا ألا نستبعد هذا الاحتمال".
ويبدو أن تصريحات لوكاشينكو في 2024، قد استندت إلى تقييم وكالة الاستخبارات الخارجية الروسية أن الولايات المتحدة تستكشف خيارات لاستبدال زيلينسكي بشخصية أكثر قابلية للإدارة وأقل فسادًا، وأن النخبة الأمريكية أيضًا لا تحب حقيقة قيامه بخطوات "مجنونة" تهدد بالتصعيد إلى ما هو أبعد من حدود أوكرانيا.