يحمل العرض الصيني "تيانانمن" المرتقب في 3 سبتمبر المقبل، بالإضافة إلى إظهار القوة العسكرية الاستثنائية، رسائل سياسية ودبلوماسية "خشنة"، إلى "كل من يهمه الأمر"، بحسب تقارير صحفية غربية.
ويقام الحدث في ميدان تيانانمن ببكين، احتفالاً بالذكرى الثمانين للانتصار على اليابان في الحرب العالمية الثانية، في مناسبة سنوية يترأسها الرئيس الصيني شي جين بينغ، بحضور زعماء بارزين، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
لكن العرض يأتي هذا العام في سياق اقتصادي داخلي صعب وتوترات متصاعدة مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة، مما يجعله منصة لإعادة تشكيل سردية الصين التاريخية والجيوسياسية.
ووفق تقرير لمجلة "فورين بوليسي"، فإن الحدث لن يكون مجرد عرض للقوة العسكرية، بل رسالة سياسية ودبلوماسية موجهة للعالم، تجمع بين استعراض التفوق التكنولوجي العسكري، وتعزيز التحالفات المناهضة للغرب.
عسكرياً، سيشارك في العرض، الذي يستمر 70 دقيقة، أكثر من 10 آلاف جندي، ومئات القطع من المعدات الأرضية، وأكثر من 100 طائرة، بما في ذلك دبابات الجيل الرابع، وطائرات مقاتلة متطورة مثل J-35A، التي تُعرض لأول مرة في الجو، وتُعد جزءاً من حاملة الطائرات "فوجيان" المحلية الصنع.
كما يُتوقع الكشف عن تقنيات جديدة في الحرب السيبرانية، والطائرات المسيرة، وأسلحة الطاقة الموجهة، والصواريخ الأسرع من الصوت، مما يعكس التقدم الكبير في تحديث جيش التحرير الشعبي تحت قيادة شي.
ويأتي هذا الاستعراض، بعد زيادة بنسبة 7.2% في الميزانية الدفاعية لعام 2025، حاملاً رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة واليابان وتايوان وجيران الصين البحريين، بأن بكين تمتلك قوة عسكرية متنامية ومتطورة.
أما سياسياً، فيُعد العرض، بحسب تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية، منصة دبلوماسية غير مسبوقة، حيث يحضره 26 زعيماً أجنبياً، بما في ذلك بوتين وكيم، إلى جانب رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، والرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو.
وهذا الحضور المتنوع من دول جنوب شرق آسيا، الشرق الأوسط، آسيا الوسطى، أفريقيا، وأمريكا اللاتينية يعكس سعي الصين لتصوير نفسها كممثل لـ"الجنوب العالمي"، بعيدًا عن صورة المنافس المعزول للغرب، كما يرى تقرير "التايمز".
أما الغياب الملحوظ للفلبين، التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع واشنطن، وتمثيل سنغافورة بمسؤول أقل مرتبة، فيبرزان هذا التوجه الاستراتيجي، إذ إن حضور دول مثل فيتنام وماليزيا، رغم التوترات في بحر الصين الجنوبي، يعزز ادعاء بكين بأن التعاون هو الخيار المفضل في المنطقة.
ووفق التسريبات، سيكون خطاب الرئيس شي خلال العرض محورياً، حيث يسعى لإعادة صياغة السردية التاريخية للحرب العالمية الثانية، كما من المتوقع أن يؤكد على الدور الحاسم للصين في هزيمة اليابان، متجاهلاً إلى حد كبير دور حزب الكومينتانغ القومي، ومسلطاً الضوء على تضحيات بكين التي تجاوزت 20 مليون قتيل.
ويرى تقرير "التايمز" أن خطاب "شي" سيهدف أيضاً إلى تعزيز الفخر القومي داخلياً، وتأكيد مكانة الصين كمؤسس للنظام العالمي ما بعد الحرب، مع التركيز على رؤية مستقبلية لتعددية قطبية تتحدى الهيمنة الأمريكية، كما سيتبنى نبرة حذرة تجاه اليابان، مشدداً على المسؤولية التاريخية دون تحريض، مع الترويج لـ"مجتمع آسيوي بمستقبل مشترك".
ويأتي العرض في ظل توترات جيوسياسية متصاعدة، مع إعادة تشكيل النظام الدولي تحت ضغط الحرب الروسية الأوكرانية وزيادة التوترات مع الولايات المتحدة، فحضور بوتين وكيم، إلى جانب قادة مثل منانغاغوا من زيمبابوي وفوتشيتش من صربيا، يعكس تشكيل تحالف مناهض للغرب.
وهذا التحالف، الذي يضم دولاً مثل روسيا وكوريا الشمالية وإيران، يعزز التعاون العسكري والاقتصادي، كما يُظهر في سعي الصين وروسيا لإنشاء أنظمة مالية بديلة مثل نظام بديل لـ"سويفت".
كما ترى "التايمز" أن العرض العسكري سيرسل إشارة قوية إلى الغرب بأن الصين تسعى لقيادة نظام عالمي جديد قائم على الشراكة والتعددية، بعيداً عن الهيمنة الغربية.