صعّد الحزب الديمقراطي الأمريكي، الأحد، حملته على طريقة الحكومة في إدارة الملف المتعلق بـ"المجرم الجنسي" جيفري إبستين، موجهاً اتهامات للرئيس دونالد ترامب بالسعي إلى طمس القضية، من خلال الاكتفاء بنشر جزء لا غير من ملفّات التحقيق في هذه القضيّة، مع تمويه الصور وتنقيح النصوص في أغلب الأحيان.
ورأى النائب الديمقراطي جايمي راسكين عبر محطة "سي إن إن" التلفزيونية، الأحد، أن "كل ذلك يهدف إلى إخفاء أمور لا يريد دونالد ترامب لسبب أو لآخر كشفها، سواء أكانت تتعلق به شخصياً أو بأفراد آخرين من عائلته أو بأصدقائه أو بجيفري إبستين أو بمجرد الدائرة التي خالطها لمدة لا تقل عن عقد من الزمن".
وعُرف إبستين بعلاقاته مع كبار رجال الأعمال والمشاهير، بمن فيهم ترامب وسلفه الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون (1993-2001).
وكان الرئيس صديقاً مقرباً لإبستين، اذ كانا يترددان على الأوساط الاجتماعية ذاتها في بالم بيتش ونيويورك خلال التسعينات، وكانا يظهران معاً في الحفلات لسنوات.
وقطع ترامب علاقته بإبستين قبل سنوات من توقيفه في العام 2019، ولم يُتهم بارتكاب أي مخالفات في القضية.
والجمعة، بدأت وزارة العدل بنشر آلاف الصور ومقاطع الفيديو والنصوص المرتبطة بالتحقيق في قضية الممول الثري الذي وُجد ميتاً في زنزانة في أحد سجون نيويورك في العام 2019.
ومع ذلك، لم يتم نشر كل شيء قبل منتصف ليل الجمعة كما هو منصوص عليه بموجب قانون الشفافية. وتم تنقيح العديد من الملفات، مثل وثيقة مرتبطة بمحكمة نيويورك تم حجبها بالكامل.
وتضمنت المجموعة الضخمة من الوثائق سبع صفحات تحتوي على أسماء 254 "مدلكة" تم حجبها بالكامل بحجة "حماية معلومات ضحية محتملة".
وقال النائب الديمقراطي رو خانا في منشور على منصة إكس: "تستمر وزارة العدل الأمريكية في التستر على رجال نافذين اعتدوا على فتيات صغيرات أو اغتصبوهن أو شاركوا في حفلات حيث تمّ استعراض هؤلاء الفتيات الصغيرات وإساءة معاملتهن".
وتكررت هذه الانتقادات على لسان كل من النائب الجمهوري توماس ماسي والنائبة اليمينية المتطرفة مارجوري تايلور غرين التي كانت حليفة لترامب وانفصلت عنه بسبب افتقاره للشفافية في هذه القضية.
وقالت غرين في منشور على منصة إكس: "ليس الهدف حماية الأشخاص الذين يتمتعون بنفوذ سياسي".
أما زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز فشدّد الأحد عبر محطة "إيه بي سي"على أن "ضحايا هذا العذاب يستحقون شفافية كاملة وتامة"، داعياً إلى فتح تحقيق في شأن احتمال وجود تقصير من جانب الإدارة.
من جانبها، رفضت وزارة العدل هذه الانتقادات. وقال نائب وزير العدل تود بلانش في حديث لشبكة "ايه بي سي"، "لا توجد نية لحجب أي شيء لمجرد أنّه يتضمن أسماء دونالد ترامب أو شخص آخر مثل بيل كلينتون".
غير أنّ وسائل إعلام أشارت إلى أنّه تم حذف 12 صورة على الأقل من الملف بعد نشرها لفترة وجيزة.
وقالت مارينا لاسيردا، وهي واحدة من هؤلاء الضحايا البالغ عددهن نحو ألف "نشعر بخيبة أمل كبيرة". وتساءلت لاسيردا عبر "سي إن إن": "لماذا لا نستطيع بكل بساطة الكشف عن الأسماء التي يجب الكشف عنها"، معربة عن أسفها لإخفاء هوية العديد من الأفراد المذكورين في هذا الملف.
أما جيس مايكلز، وهي ضحية أخرى مفترضة لإبستين، في حديث إلى شبكة سي إن إن، إنّها لم تتمكن من العثور على أي سجل للإفادات التي أدلت بها للشرطة الفدرالية.
كذلك، أعربت المعارضة الديمبقراطية عن قلقها إزاء إزالة إحدى الصور النادرة للرئيس دونالد ترامب بعدما نُشرت الجمعة.
وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر: "إذا قاموا بإخفاء هذه المعلومات، تخيّلوا ما يحاولون إخفاءه.. قد تكون هذه إحدى أكبر عمليات التستّر في التاريخ الأمريكي".
وبحسب وكالة "فرانس برس" فإنّ إطاراً تظهر فيه مجموعة صور مبعثرة على قطعة أثاث وداخل دُرج، من بينها صورة للرئيس الحالي، لم تعد متاحة السبت.
من ناحية أخرى، تضمّنت الوثائق العديد من الصور التي لم تُنشر من قبل، منها صورة تُظهر كلينتون مسترخياً في حمّام ساخن مع شخص مموه الوجه. وسرعان ما شارك مقرّبون من ترامب هذه الصورة.
وظهرت في الصور شخصيات أخرى من عالم السياسة والأعمال والسينما والموسيقى. ومن بين المشاهير المعنيين، مايكل جاكسون وديانا روس وميك جاغر كلّهم إلى جانب كلينتون.
وتورّط العديد من المشاهير الأمريكيين والأجانب في قضية إبستين، التي تم الكشف عنها في العام 2019، من بينهم أندرو شقيق الملك تشارلز الثالث، الذي وجهت إحدى الضحايا اتهامات إليه، لكنّه يشدد على براءته.
والجمعة، نُشرت صور لم تسبق رؤيتها لغلين ماكسويل شريكة إبستين السابقة مستلقية مع الأمير السابق أندرو على أقدام خمسة أشخاص.
وتقضي ماكسويل البالغة 63 عاما عقوبة بالسجن لمدة 20 عاماً بتهمة استقطاب فتيات قاصرات لصالح إبستين.
ورغم أنّ وفاته اعتُبرت انتحاراً، إلا أنّها لا تزال تغذّي عدداً كبيراً من نظريات المؤامرة التي تقول إنه قُتل لمنعه من توريط النخب.
وبعدما تعهد خلال حملته الانتخابية بنشر الملف بكامله، تراجع دونالد ترامب (79 عاماً) عن موقفه، واصفاً الأمر بأنه "خدعة" دبرها الديمقراطيون. لكنه في النهاية رضخ لضغوط الكونغرس وقاعدته الانتخابية ووقع قانون الشفافية ليصبح نافذاً في تشرين الثاني/نوفمبر.