سلّم مقاتلو حزب العمال الكردستاني، مؤخرًا، للسلطات التركية اثنين من كبار ضباط الاستخبارات التركية كانا محتجزين لدى الحزب، منذ عام 2017، في خطوة وُصفت بأنها بادرة "بناء ثقة" في إطار جهود متجددة لإنهاء النزاع المسلح المستمر منذ أربعة عقود بين الطرفين، وفق تقرير نشره موقع "المونيتور"، الاثنين.
الضابطان، وهما أيدين غونيل وإرهان بيكجيتين، كانا قد اختُطفا في منطقة دوخان بمحافظة السليمانية في كردستان العراق، وهي منطقة تخضع لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني المقرّب من حزب العمال الكردستاني. وكان يُشتبه بأنهما كانا يشرفان على شبكة تجسس تستهدف قيادات من الحزب، بينهم جميل بايك، أحد أبرز قادته.
ووفق ما أكدته مصادر كردية للموقع، توفي أحد الضابطين، أيدين غونيل، خلال فترة احتجازه بسبب المرض، وتم تسليم جثمانه إلى الجانب التركي، فيما أعيد الآخر إلى أنقرة.
ويأتي هذا التطور في ظل سعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إحياء مسار تسوية مع الزعيم الكردي المسجون عبد الله أوجلان، في محاولة لإقناع حزب الشعوب الديمقراطي، بدعم مساعيه لتمديد فترة رئاسته بعد 2028، رغم القيود الدستورية التي تمنعه من الترشح لولاية ثالثة.
وكان حزب العمال الكردستاني قد أعلن في مايو الماضي التزامه بمطالب أوجلان بحل التنظيم ونزع السلاح، فيما نُظمت في يوليو الماضي مراسم رمزية لحرق الأسلحة في إقليم كردستان العراق، شارك فيها قياديون بالحزب بحضور إعلامي دولي.
لكن مراقبين، مثل شركة "تينيو" للاستشارات السياسية في لندن، حذروا من أن هدف هذه العملية قد لا يكون تسوية شاملة بقدر ما هو مناورة سياسية من أردوغان لتعزيز نفوذه البرلماني وتقويض خصومه، خصوصًا حزب الشعب الجمهوري.
في سياق موازٍ، تستعد لجنة برلمانية مؤلفة من 51 نائبًا، تضم ممثلين عن حزب العدالة والتنمية وحلفائه القوميين إلى جانب المعارضة، لعقد أول اجتماع لها هذا الأسبوع لوضع خارطة طريق لما تسميه الحكومة "تركيا خالية من الإرهاب".
وتُطالب المعارضة بأن تركز اللجنة على الإصلاحات الديمقراطية والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم صلاح الدين دميرتاش وأكرم إمام أوغلو، في حين يتوقع أن تتناول أعمال اللجنة مصير آلاف المقاتلين الأكراد المتمركزين في جبال العراق، مع احتمال منح بعضهم عفوًا عامًا أو نقلهم إلى دول أخرى.
نجاح هذه الجهود، وفق التقرير، يبقى مشروطًا أيضًا بمصير المسار التفاوضي المتعثر بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في ظل مطالب أنقرة ودمشق بحل نواة القوات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، واندماج المقاتلين الأكراد ضمن الجيش السوري الجديد كأفراد لا ككيان منظم.
وكان من المقرر عقد اجتماع في باريس منتصف يوليو بين قائد (قسد) مظلوم عبدي ووزير الخارجية السوري أسعد الشباني، برعاية أمريكية وفرنسية، إلا أن دمشق ألغته بسبب عدم استعداد (قسد) لتقديم تنازلات مسبقة.
وتبذل واشنطن وباريس جهودًا دبلوماسية لإحياء هذا المسار، إلا أن التوترات الأخيرة بين الـجانبين، خاصة في منطقة منبج وسد تشرين، تهدد بإجهاضه مبكرًا.