يرى عدد من الخبراء الإيرانيين ضرورة أن تقوم حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بفتح صفحة جديدة مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، حيث يمكن أن تسهم هذه الخطوة في إنهاء عزلة طهران، ورفع العقوبات الصارمة التي فرضها ترامب، العام 2018، بعد انسحابه من الاتفاق النووي.
وتأتي هذه الدعوات بالتزامن مع مطالبات متزايدة من الإصلاحيين والمعتدلين بضرورة التفاوض المباشر مع إدارة ترامب، حتى إن بعض الإصلاحيين دعوا الرئيس بزشكيان لتقديم التهنئة لترامب بفوزه بالانتخابات.
وقالت الناشطة الإصلاحية بروانه سلحشوري إن "هناك إمكانية للتعامل بمرونة بين طهران وواشنطن في عهد الإصلاحيين، وإذا كانت لدى ترامب نية صادقة للتفاوض وحل القضايا، فإن وجود الإصلاحيين سيسهم في تسهيل تطبيق شعار ترامب الذي رفعه بشأن تحقيق الاستقرار والسلام وإنهاء الحروب".
وأضافت لـ"إرم نيوز" أن "على إيران من جهتها أن تستغل هذه الفرصة لتغيير موقفها في السياسة الخارجية، لكن هذا التغيير ليس بيد الرئيس وحكومته فقط، بل هناك مؤسسات أخرى" في إشارة إلى المرشد علي خامنئي، والحرس الثوري، اللذين يلعبان دورًا كبيرًا في السياسة الخارجية.
وعن تأثير فوز ترامب بالانتخابات على إيران، أوضحت سلحشوري أن "الشعب الإيراني لديه ذاكرة سيئة عن ترامب بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في فترة رئاسته السابقة، مما أدى إلى انهيار العملة، وارتفاع البطالة، والفقر".
وتابعت أن "ترامب يدعم السلام بقوة، ويمكن صنع السلام معه لأن قضيته الأساسية هي تعزيز رأس المال، كما أن شعار "أمريكا أولاً" الذي يرفعه ترامب قد يتيح لإيران فرصة الاستفادة من الفرص الناشئة عن هذا التوجه".
ومن جانبه، قال محلل قضايا السياسة الخارجية في إيران، مهدي مطهري نيا، إن "من يتابع مواقف ترامب يرى أنه يبحث عن مفاوضات مباشرة مع طهران، وكما حاول إظهار ذلك خلال حملته الانتخابية، فهو لا يسعى إلى زيادة التوترات في العالم".
وأضاف مطهري نيا في تصريح لـ"إرم نيوز" أنه "إذا لم تستغل إيران مواقف ترامب الداعية للتهدئة، فقد نشهد زيادة في التوترات والعقوبات، إذ سيحاول ترامب ممارسة أقصى ضغط على إيران لدفعها إلى التوصل إلى اتفاق جديد".
واعتبر أن الفرصة الأكبر لإيران بعد فوز ترامب تكمن في الفجوة بين الولايات المتحدة وأوروبا، قائلاً إن "ترامب ينظر إلى أوروبا كرجل كسول وضعيف الكفاءة، ويمكن لهذه الفجوة أن تساعد إيران في حل مشكلاتها مع أوروبا".
ويرى مطهري نيا أن "على إيران أن تفكر في طرق للتواصل مع أمريكا، وعليها أن تدرس الدول التي تربطها علاقات وثيقة بترامب في السنوات الأخيرة، وإذا لم نرغب في التفاوض المباشر، فعلينا دخول هذه الدول كوسيط".
وأضاف: "لقد أتيحت لنا فرصة التفاوض المباشر ولم نستغلها، ويمكن للدول العربية أن تكون فعالة في تحسين مسار التواصل بين إيران والغرب، كما أن اليابانيين أسهل في التعامل مع الجمهوريين، وتتمتع روسيا أيضًا بعلاقة جيدة مع ترامب".
وصرح صادق زيبا كلام، كبير منظري التيار الإصلاحي في إيران، بأن بلاده هي التي بدأت العداء مع الولايات المتحدة العام 1979 بعد الثورة.
وكتب زيبا كلام في تدوينة عبر منصة "إكس": "السيد بزشكيان، لقد بدأنا العداء مع أمريكا بسبب التنافس بين اليساريين والإسلاميين وعدم التراجع أمام اليساريين، مما أدى إلى خسارة المصالح الوطنية لإيران، وحرمان البلاد من إنجازات إيجابية".
ونصح المحلل السياسي بزشكيان بضرورة السير على نهج الرئيس الراحل المعتدل علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي أنهى الحرب مع العراق، قائلاً: "كن مثل هاشمي الذي أنهى الحرب ومنع تدمير البلاد، وأنهوا العداء المدمر مع أمريكا".
من جانبه، قال الناشط الأصولي المتشدد محمد قديري أبيانه إن "المفاوضات مع أمريكا لن تقلل من عدائها تجاه إيران".
واعتبر قديري أبيانه أنه لا فائدة من التفاوض مع أمريكا، كما ذكر المرشد الأعلى علي خامنئي، مؤكدًا أن "مختلف الرؤساء الأمريكيين التزموا بمبدأ العداء والخداع ضد إيران، وكانت التنازلات دائمًا من طرف إيران".
وأشار أبيانه إلى أن "ترامب لم يهاجم إيران في ولايته السابقة لأنه تلقى تهديدًا جديًا منها، ولذلك لن يكون هناك وضع خطير على إيران بعد توليه الرئاسة مرة أخرى".
وتابع أن "السلطات الإيرانية تنتظر لترى ما سيفعله ترامب، وسنحدد موقفنا بناءً على ذلك، مع قناعتنا بأن الصراع والتوتر بين إيران والولايات المتحدة ليسا جديدين ولن ينتهيا بذهاب رئيس ومجيء آخر".