صحة غزة: الهجمات الإسرائيلية في الساعات الـ24 الماضية قتلت 68 شخصا وأصابت 362 آخرين
رأى خبراء فرنسيون أن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دخلت مرحلة حرجة، مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوقيع اتفاق تجاري بحلول 9 يوليو، مهددًا بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على جميع المنتجات الأوروبية.
وفي ظل هذه الضغوط، تتحرك دول الاتحاد بحذر، ساعية لتجنب تصعيد اقتصادي قد يهز استقرار الأسواق العالمية، مع بحثها عن بدائل تكتيكية ودبلوماسية لمواجهة التحدي الأمريكي.
من جانبه، قال جان بول ديشامب، أستاذ السياسات التجارية في جامعة السوربون لـ"إرم نيوز" إن أوروبا " لا تزال في موقع دفاعي، لكنها تتعلم من دروس الحرب التجارية السابقة".
وأضاف في حديث لـ"إرم نيوز" قائلًا: "هذه المرة، التحرك موحد وسريع، لكن الخطر الحقيقي يكمن في هشاشة الاقتصاد الأوروبي ما بعد الحرب في أوكرانيا، وأي رسوم مفاجئة قد تكون لها آثار تضخمية مدمرة".
سباق دبلوماسي قبل 9 يوليو
في قمة حاسمة عقدت ببروكسل، جمع فيها القادة الأوروبيون الـ27 رؤاهم حول مستقبل العلاقات الاقتصادية مع واشنطن، وعلى الرغم من النقاشات التي تناولت الصين وتكامل السوق الموحدة، كانت التهديدات الجمركية الأمريكية هي الشغل الشاغل.
وفي الكواليس، واصلت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين محادثاتها مع الإدارة الأمريكية في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
والتهديدات الأمريكية لم تتوقف عند التهديد الجماعي للاتحاد، بل طالت أيضًا دولًا بعينها، كما حدث مع إسبانيا، التي رفضت الالتزام برفع إنفاقها العسكري إلى 5%، ليهدد ترامب علنًا بفرض اتفاق تجاري "عقابي" عليها.
وأشار ديشامب إلى أنه في ظل احتمالية فشل المفاوضات، أعدّت أوروبا سلسلة من السيناريوهات للتعامل مع الموقف، تشمل "الرد بالمثل".
10 مقابل 10
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن أوروبا لن تقبل بوضع دائم تفرض فيه عليها رسوم دون رد: "الأفضل أن تكون الرسوم صفر مقابل صفر، ولكن إذا كان لا مفر من 10 مقابل 10، فسنفعل ذلك".
ورأى ديشامب أن هذا الموقف يعكس استعدادًا أوروبيًا لتبني مبدأ المعاملة بالمثل، في حال أصرّت واشنطن على فرض الرسوم الإضافية.
كما لفت الباحث الفرنسي إلى أن الاتحاد الأوروبي بإمكانه اتخاذ إجراءات إعادة التوازن، حيث صرّح دبلوماسي أوروبي بأن الاتحاد بدأ التحضير لردود اقتصادية منظمة تشمل فرض رسوم مضادة على منتجات أمريكية مختارة، وربما إعادة النظر في اتفاقات سابقة حول تبادل السلع والطاقة.
اتفاق سريع لتجنب التصعيد
ومن بين الخيارات، التوصل لاتفاق سريع لنجنب التصعيد، حيث قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس في أول مشاركة له بمجلس الاتحاد: "نحتاج إلى اتفاق بسيط وسريع، لا معقد وبطيء"، في إشارة إلى رغبة برلين في تجنب اضطرابات تجارية قد تضرب الاقتصاد الصناعي الألماني بشدة.
التركيز على سلاسل القيمة المترابطة
ولفت ديشامب إلى أن من أبرز مطالب الأوروبيين هو رفع الرسوم على القطاعات ذات الترابط العالي بين ضفتي الأطلسي، مثل صناعة السيارات والدواء والطيران، حيث إن أي ضرر سيكون متبادلًا.
معالجة الحواجز غير الجمركية
ومن بين خيارات الأوربيين أيضًا، أشارت الباحثة الفرنسية في معهد جاك دولور للدراسات الأوروبية، كلير لوران لـ"إرم نيوز" إلى أن الطرفين يناقشان أيضًا تعديل بعض التشريعات الأوروبية التي تعدها واشنطن عوائق أمام التجارة، مثل توجيه "الادعاءات البيئية" مقابل تسهيل وصول الغاز الطبيعي الأمريكي المسال إلى أوروبا.
وأشارت لوران إلى أن "ترامب لا يتفاوض بالطريقة التقليدية، بل يعتمد على الصدمة والتهديد، والأوروبيون يحاولون شراء الوقت، لكن عليهم الاستعداد لسيناريوهين: اتفاق محدود قبل 9 يوليو، أو حرب رسوم جديدة مع بداية الخريف".
مفترق طرق بين الدبلوماسية والتصعيد
ورأت لوران أنه مع اقتراب المهلة التي حدّدها ترامب، يقف الاتحاد الأوروبي أمام اختبار استراتيجي صعب: فإما إنجاح اتفاق يُرضي الطرفين دون المساس بسيادة السياسات الأوروبية، وإما الدخول في دوامة اقتصادية جديدة قد تُعقّد علاقات بروكسل بواشنطن وتفتح الباب أمام منافسة شرسة في الأسواق العالمية.