الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

من كييف إلى كراكاس.. موسكو تنقل معركة الصواريخ إلى الفناء الخلفي لأمريكا

منظومة الصواريخ الروسية إس-300المصدر: شاترستوك

تقوم العلاقات الدولية في مراحل التصعيد الكبرى على مبدأ بسيط: "عدو عدوي صديقي"، حتى وإن كانت تلك الصداقة مؤقتة أو براغماتية، وبدلا من الدخول في مواجهة مباشرة، غالبا ما تلجأ القوى الكبرى إلى استراتيجيات غير مباشرة، مثل تسليح خصوم الخصم.

ومنذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، استخدم الغرب هذه المقاربة لتقويض القدرات الروسية، من خلال إمداد كييف بأسلحة نوعية متطورة، بدءا من الصواريخ طويلة المدى "ستورم شادو"، ووصولًا إلى المقاتلات "إف-16". ورغم تجاوز هذه الخطوات لخطوط موسكو الحمراء المعلنة، لم يكن ردّ الكرملين سوى بيانات تهديد لفظية متكررة.

أخبار ذات علاقة

تقرير يكشف "الرحلة السرية" لسفن ذخيرة إيرانية متهمة بـ"إمداد الغزو الروسي"

وبحسب صحيفة "يوراسيان تايمز" فإن التحول الجديد يتمثل في أن موسكو بدأت بالرد بالمثل، عبر فتح جبهة جيوسياسية جديدة في نصف الكرة الغربي من خلال تسليح حليفها اللاتيني فنزويلا، في خطوة تذكّر بأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، حين تحدّى الاتحاد السوفييتي النفوذ الأمريكي في منطقة تعتبرها واشنطن "ساحتها الخلفية".

موسكو في الفناء الخلفي لواشنطن

منذ إقرار مبدأ مونرو عام 1823، حرصت الولايات المتحدة على منع أي نفوذ أوروبي أو أجنبي في القارة الأمريكية، معتبرة أي تدخل "عملا عدائيا". 

وعلى مدى قرنين تقريبا، لم تتجرأ قوة كبرى على خرق هذا المبدأ إلا نادرا، أبرزها الاتحاد السوفييتي في أزمة الصواريخ الكوبية.

اليوم، وبعد أكثر من ستين عاما، تُعيد روسيا اختبار المبدأ ذاته عبر بناء شراكة عسكرية متنامية مع فنزويلا، الدولة التي تُعدّ خصما معلنا للولايات المتحدة. 

فقد كشف النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما، أليكسي جورافليف، أن موسكو بدأت بالفعل بتزويد كاراكاس بأسلحة متطورة، بعضها قد يحمل رؤوسا نووية في حال قررت روسيا نشرها هناك.

أخبار ذات علاقة

نيكولاس مادورو ودونالد ترامب

تُركت وحيدة على جبهة أوكرانيا.. أوروبا لن تدعم ترامب في أي مواجهة مع فنزويلا

وتُشير تقارير روسية إلى أن فنزويلا حصلت على منظومات دفاع جوي من طراز "إس-300 في إم" و"بوك-إم2إي"، إلى جانب منظومات "بانتسير-إس1"، التي توفر حماية فعالة ضد الأهداف الجوية على مدى يصل إلى 20 كيلومترا.

كما تمتلك القوات الجوية الفنزويلية أسطولا من مقاتلات "سو-30 إم كيه 2"، القادرة على تنفيذ مهام هجومية بصواريخ مضادة للسفن من طراز "KH-31" تفوق سرعتها 3 ماخ.

لكن الأخطر هو الحديث عن احتمال تزويد فنزويلا بصواريخ "أوريشنيك" فرط الصوتية و"كاليبر" المجنحة، اللتين يمكن أن تغطيا معظم الأراضي الأمريكية إذا تم نشرهما على أراضي كاراكاس. 

وتمثل مثل هذه الخطوة تحديا مباشرا لهيمنة واشنطن في القارة، ورسالة ردع واضحة مفادها أن موسكو قادرة على نقل الصراع إلى "الحديقة الخلفية" لأمريكا.

من أوكرانيا إلى أمريكا اللاتينية

في ظل تصاعد الدعم الأمريكي لأوكرانيا، يبدو أن الكرملين وجد وسيلة لفرض كلفة استراتيجية على واشنطن دون الدخول في مواجهة مباشرة. فكما تدعم الولايات المتحدة كييف لإضعاف موسكو، قد تستخدم روسيا فنزويلا، وربما دولًا أخرى في أمريكا اللاتينية، كمنصات ضغط غير متماثلة ضد المصالح الأمريكية.

ويشير محللون إلى أن مجرد التلويح بتزويد فنزويلا بصواريخ "أوريشنيك" أو "كاليبر" قد يكون كافيا لتجميد بعض قرارات البيت الأبيض، خصوصا ما يتعلق بتسليم كييف صواريخ "توماهوك" بعيدة المدى.

أخبار ذات علاقة

ترامب ومادورو

صوت الحرب يعلو.. هل يملك ترامب حرية "إشعال النار" في فنزويلا؟ (فيديو إرم)

كما تخلق القدرة الروسية على نقل الصراع إلى محيط الولايات المتحدة معادلة ردع جديدة: إذا اقتربت واشنطن من الحدود الروسية، فستقترب موسكو من حدودها هي الأخرى.

وعلى الرغم من الشكوك حول قدرة روسيا، وهي المنخرطة في حرب استنزاف بأوكرانيا، على تصدير كميات كبيرة من الأسلحة، إلا أن البعد الرمزي والسياسي لهذه التحركات يفوق قيمتها العسكرية المباشرة؛ حيث إنها رسالة تقول إن روسيا لن تبقى في موقف المتلقي، وإن بإمكانها فتح جبهات غير متوقعة في مناطق تعتبرها واشنطن محصنة.

ولا يُعد تسليح موسكو لفنزويلا مجرد صفقة سلاح، بل يمثل تحوّلًا في أدوات الصراع الدولي بين القوتين العظميين. 

فبينما يواصل الغرب الضغط على روسيا في خاصرتها الشرقية، ترد موسكو بالاقتراب من الخاصرة الغربية للولايات المتحدة. 

وفي حال مضت هذه السياسة قُدما، فإن العالم قد يشهد عودة أجواء الحرب الباردة – ولكن هذه المرة من "كراكاس" بدلا من "هافانا".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC