كشفت مصادر دبلوماسية وسياسية أمريكية أن وزارتي الخارجية والخزانة، إلى جانب مؤسسات استخباراتية وأمنية في واشنطن، تعمل على إعداد تقرير خاص بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية على المستوى الدولي، عبر عدة مسارات رئيسة.
وأوضحت المصادر أن من أبرز هذه المسارات جمع وثائق ومعلومات تتعلق بوجود صلات وعلاقات متعددة بين قيادات في الجماعة بأوروبا ومناطق أخرى من العالم وتنظيم داعش الإرهابي، إضافة إلى تدقيق موسّع في الملف المالي للجماعة، ولا سيما شبكات الشركات والاستثمارات التي يسهم فيها أشخاص يُصنفون ضمن التنظيم، رغم عدم انخراطهم المباشر في نشاطه السياسي أو الدعوي.
وأضافت المصادر في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن القوانين التي ستعمل الولايات المتحدة على إصدارها في إطار الأمر التنظيمي حال صدور التصنيف مرتبطة بمدى علاقة أفراد وشركات بالولايات المتحدة بتمويل أو دعم أو أي علاقة مع تنظيمات إرهابية، وفرض عقوبات على عناصر وشركات في الخارج حصلت واشنطن على ما يدينهم في تمويل جماعات إرهابية.
وبينت المصادر أن الاستراتيجية التي عملت عليها الجماعة في العقد الأخير السير على إجراءات احترازية بالمشروعات والشركات التجارية الخاصة بهم، وأن تكون المساهمات لعناصر ليس لهم ارتباط علني بالتنظيم على المستوى السياسي والدعوي حتى لا يتعرض اقتصاد الإخوان للخطر مع أي نهج جديد من الحكومات، سواء في الولايات المتحدة وأوروبا أو دول أخرى تستهدف الهيكل المالي للجماعة، مثلما يجري الآن، سواء من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو بلدان أوروبية.
ومن المفترض أن تخرج وزارتا الخارجية والخزانة بتقرير قانوني حول تصنيف فروع للجماعة في العالم منظمات إرهابية أجنبية، بعد أن وقّع ترامب أمرًا تنفيذيًا بذلك في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأعطى مهلة للوزارتين 30 يومًا لإعداد الملف الخاص بهذا التصنيف.
وقال دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى إن أكثر ما تعمل عليه وزارتا الخارجية والخزانة ومؤسسات استخباراتية وأمنية في واشنطن لإعداد التقرير الخاص بتصنيف الإخوان منظمة "إرهابية" دوليا تجميع الوثائق والمعلومات، التي تثبت صلة وعلاقات لها أكثر من محطة بين قيادات الجماعة في أوروبا ومناطق متفرقة في العالم، بتنظيم داعش الإرهابي، بالإضافة إلى الكشف عن الملف المالي للجماعة، والقائم في شركات يسهم فيها شخصيات تنتمي للتنظيم ولكن ليس لها علاقة بالحقل السياسي أو الدعوي للإخوان.
وأفاد الدبلوماسي الأمريكي في تصريحات لـ"إرم نيوز" بأن القوانين التي ستعمل الولايات المتحدة على إصدارها في إطار الأمر التنظيمي هي علاقة أفراد وشركات بالولايات المتحدة بتمويل أو دعم أو أي علاقة مع تنظيمات إرهابية، وفرض عقوبات على عناصر وأفراد وشركات في الخارج، تحصل واشنطن على ما يدينهم في تمويل جماعات إرهابية.
ويؤكد المصدر الدبلوماسي أن أبرز قيادات التنظيم الدولي القائمة على إدارة أموال واستثمارات الجماعة تعيش في أوروبا، لافتا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت إعادة ترتيب وتنظيم للهيكل المالي، للتخلص من تتبع ومراقبة أجهزة أمنية واستخباراتية تجمع معلومات عن الإخوان، لإدراكهم مدى خطورة عمل الجماعة، ولكن لم يكن هناك ملفات ثابتة تدينهم في تمويل مباشر لمنظمات أو مجموعات إرهابية.
من جهته، أوضح قيادي في الحزب الجمهوري بواشنطن أن الجماعة اعتمدت، في العقد الأخير، استراتيجية تقوم على إجراءات احترازية تتعلق بهيكل وحصص المشروعات والشركات التجارية، إضافة إلى المساهمة في مؤسسات مالية، بحيث تكون العناصر المشاركة فيها من دون أي ارتباط علني أو علاقة ظاهرة بقيادات وأعضاء الإخوان على المستويين السياسي والدعوي.
وأضاف أن هذه المقاربة تهدف إلى حماية اقتصاد التنظيم من أي نهج جديد تتبناه الحكومات في الولايات المتحدة وأوروبا ودول آسيوية يستهدف الهيكل المالي للجماعة، كما هو الحال في الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس دونالد ترامب وعدد من العواصم الأوروبية حاليًا.
وأضاف القيادي الجمهوري في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن الجماعة القائمة على "السرية" في نشاطها وأعمالها لديها هيكل اقتصادي ومالي له جسر بين الولايات المتحدة وأوروبا، ويجب أن يكون هناك تعاون أمني يحمل "تكييفًا" قانونيًا بمواءمة تشريعات بين واشنطن ودول بالقارة العجوز، لكشف جانب من الشبكة المالية، خاصة أن هذا الاقتصاد في معظمه قائم على "واجهات" لعمله وتنظيمه.
وأشار القيادي الجمهوري إلى أنه في حال التعامل بهذه الصيغة بين الولايات المتحدة ودول أوروبية على مستوى الأجهزة، فسيكون هناك تتبع لجانب لا بأس به من اقتصاد الجماعة المرتبط بتمويل تنظيمات إرهابية ومنابر تطرف، ولكن مع ذلك، فإن المساحة الأكبر لشبكتهم المالية حاضرة في دول آسيوية وأفريقية خارج منطقة الشرق الأوسط أخيرًا، وهو ما يتطلب تعاونًا من الصعب توفره أو جدية التعامل به، من حكومات كثير من تلك البلدان.
وبحسب القيادي الجمهوري، فإن جانبًا كبيرًا من اقتصاد الجماعة ليس فقط موجودًا في دول أفريقية وفي جنوب شرق ووسط آسيا، ولكنه مرتبط بشكل وثيق بحكومات هناك، لن تتعامل بجدية مع مثل هذا التتبع الدولي، عندما تعمل عليه إدارة ترامب.
وذكر القيادي الجمهوري أن هناك خطة تعمل بها الجماعة منذ أكثر من عقد في بلاده، وهي أن تكون أموال الجماعة المتمثلة في المساهمة في شركات منها، وتعمل في الولايات المتحدة، ومنها يكون مقر وأوراق التأسيس فيها وتعمل في دول أخرى، عبر شخصيات ليس لها علاقة أو ارتباط علني بالتنظيم، لفصل المال عن أي تأثيرات أو مستجدات سياسية، ولقد تأصلت هذه الاستراتيجية بعد ضرب الإخوان في مصر بعد عام 2013.
وبين أن الهيكل السياسي للجماعة يعمل بشكل طبيعي في الولايات المتحدة خلال العقد الأخير من خلال جمعيات مجتمعية وثقافية، ومع تطور العلاقة بينهم وبين الحزب الديمقراطي، بات للتنظيم وعناصره حضور قوي من خلال تأسيس مراكز بحثية، وهناك أعضاء مهمون من الإخوان ممن ولدوا وعاشوا وتعلموا في الولايات المتحدة، وأيضا من توافدوا للدراسة والعمل في السنوات الأخيرة، ولهم حضور في مراكز سياسية مرتبطة بالديمقراطيين.