رأى خبراء سياسيون فرنسيون أن تزويد أوكرانيا بمنظومات الدفاع الجوي "باتريوت" من ألمانيا قد يشكل نقطة تحول حاسمة لصد الهجمات الروسية، لكن العملية تواجه تحديات لوجستية وسياسية كبيرة.
وقال الباحث السياسي الفرنسي جان-فرانسوا لامبرت من مركز الدراسات الأوروبية في باريس، لـ"إرم نيوز"، إن "تسليم بطارية باتريوت واحدة قد يعزز الدفاع الأوكراني بصورة ملموسة ويمنحها هامشًا أكبر لصد الهجمات، لكن الأهم هو تأمين سلسلة توريد مستدامة تواكب وتيرة المواجهة، وإلا فلن يكون الأمر سوى حل قصير الأمد".
وأضاف لامبرت أن "تزويد أوكرانيا ببطارية باتريوت واحدة سيكون بمنزلة طوق نجاة مؤقت في مواجهة موجات القصف المستمرة، لكنه يثير سؤالاً إستراتيجياً حول كيفية صيانة وتشغيل هذه المنظومة طويلة الأمد".
وأشار إلى أنه "بدون إنشاء مرافق صيانة وإعادة تزويد بالقطع والذخائر، وضمان تدريب مستمر للأطقم الأوكرانية، ستواجه كييف صعوبة في الحفاظ على جاهزية هذه الدفاعات الحرجة. ولذا يجب أن يتبع التسليم البدائي خطة شاملة للشراكة التقنية والتدريب اللوجستي، وتشجيع تحالفات صناعية قادرة على تسريع وتيرة الإنتاج الأوروبي لتلبية الاحتياجات المستعجلة دون تعطيل جداول التسليم للأنظمة الأخرى".
وأثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددًا مسألة دعم الدفاع الجوي الأوكراني بقوله، الاثنين: "سيتعين علينا إرسال مزيد من الأسلحة لأوكرانيا. أسلحة دفاعية، ولكن عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم".
وفي إشارة إلى شركائه، ألمح ترامب إلى أن الولايات المتحدة ليست وحدها في هذا الجهد، وإنما يمكن لألمانيا المشاركة ببيع إحدى بطارياتها من منظومات باتريوت لأوكرانيا، مع تقاسم التكاليف بين أمريكا وأوروبا.
من جهته، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد هجوم روسي جديد بطائرات طائرة بدون طيار (درون) وصواريخ: "نعوّل بثبات على شركائنا للوفاء بالتزاماتهم. الدفاع الجوي يظل الأولوية القصوى لحماية الأرواح".
بدورها، قالت الدكتورة كاميل دوبوا، المختصة بشؤون الأمن الأوروبي في معهد الأبحاث الاستراتيجية بفرنسا، لـ"إرم نيوز": "الأمر يتعدى الجانب التقني – فهو رسالة سياسية قوية لدعم سيادة أوكرانيا.
وتابعت: "مع ذلك، فإن الضغوط الداخلية في ألمانيا - سواء من جهة الجدال حول الإنفاق الدفاعي أو المخاوف من التصعيد - قد تعرقل اتخاذ قرار حاسم سريع".
في مطلع يوليو، أوقف البنتاغون جزئيًّا مساعدته العسكرية لأوكرانيا لإعادة تقييم المخزون الأمريكي. ثم عاد، في السابع من يوليو، مؤكدًا أن شحنات الأسلحة الدفاعية ستستأنف لمساعدة كييف على حماية نفسها بينما تعمل واشنطن على “سلام دائم”.
ونشرت الحكومة الألمانية أن المستشار فريدريش ميرتس أجرى اتصالاً مع ترامب في 4 يوليو، طالبًا الاستمرار في الشحنات، خصوصًا صواريخ باتريوت. وناقش ميرتس مع ترامب أيضًا عرض برلين شراء منظومات إضافية لأوكرانيا “ضمن مفاوضات مكثفة” لتوفير دفاعات إضافية ضد الهجمات الروسية الأشد منذ 2022.
وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية للصحفيين: "هناك عدة طرق لسد النقص في بطاريات باتريوت. إحدى الخيارات استيراد منظومات من الولايات المتحدة وإعادة توجيهها إلى كييف".
منذ اندلاع الحرب، أرسلت ألمانيا ثلاث منظومات باتريوت من مخزونها الأمريكي الصنع، ما يترك برلين بسبعة أنظمة. وتمتلك أوكرانيا حاليًّا ستة أنظمة تشغيلية فقط. وطرح وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس خلال اجتماع "رامشتاين" مبادرة لجلب مزيد من الأنظمة، ومن المقرر أن يتوجه إلى واشنطن هذا الشهر لمناقشة قدرات الإنتاج وجداول التسليم، علماً بأن وزارة الدفاع الأمريكية تُعطى الأولوية في التصنيع.
وعرضت كييف شراء منظومات عبر شركاء أوروبيين، إذ تعتبر الصفقات المباشرة مع واشنطن غير قابلة للتطبيق بسبب أولوية الإنتاج الداخلي الأمريكي. ويتوقع محللون أن تستغرق أي صفقة جديدة سنوات قبل الانتهاء، ولا يتوفر لأوكرانيا مع هذا الوقت مع تصعيد روسيا لهجماتها الجوية منذ أبريل.
كانت إحدى الهجمات الأخيرة ضخمة، حيث أطلقت روسيا أكثر من 500 طائرة بدون طيار (درون) وصاروخ في ليلة واحدة، كاشفة عن ثغرات رغم ارتفاع نسبة الاعتراض.
واقترح بيستوريوس أن تشتري ألمانيا منظومات باتريوت من مخزون يمكن “تحريره” لتجاوز طول أمد الإنتاج وضمان وصول سريع إلى أوكرانيا.