شهد عام 2025 تحولاً جذرياً في طبيعة الحروب الحديثة، حيث أصبحت الطائرات المسيرة (الدرونز) السلاح الأكثر تأثيراً على ساحات القتال العالمية.
ووفقاً لتقرير "مركز المدنيين في النزاعات"، فقد ارتفع عدد الهجمات بالطائرات المسيرة بنسبة 4000% بين عامي 2020 و2024، وتضاعف أكثر من أربع مرات من 4,525 هجوماً في 2023 إلى 19,704 هجمات في 2024.
حرب أوكرانيا.. ملايين الدرونز في السماء
أرقام الإنتاج الضخمة، تعتبر الحرب الروسية الأوكرانية المختبر الأكبر للطائرات المسيرة في التاريخ. وفقاً لتقرير "كريستيان ساينس مونيتور" و"سي إن إن"، تنتج كل من روسيا وأوكرانيا حوالي 4 ملايين طائرة مسيرة سنوياً، بينما تنتج الصين ثلاثة أضعاف هذا العدد.
أعلن وزير الدفاع الأوكراني دينيس شميهال في ديسمبر 2025 أن القوات الأوكرانية ستستلم 3 ملايين طائرة مسيرة من نوع FPV بحلول نهاية 2025، بزيادة 2.5 مرة عن العام السابق. كما تم تسليم 15,000 منصة روبوتية أرضية في 2025، أي ثلاثة أضعاف العام السابق.
تكتيكات جديدة ومدمرة
في ديسمبر 2025، شنت أوكرانيا أكبر هجوم بالدرونز في تاريخ الحرب، حيث استُخدمت 300 طائرة مسيرة وصواريخ كروز لضرب أهداف روسية على امتداد 2000 كيلومتر. وفقاً لـ"Kyiv Post"، استهدفت الغارة خمسة مصافي نفط وأربع قواعد جوية وحفارة نفط في بحر قزوين في ليلة واحدة.
تواجه موسكو تحدياً غير مسبوق، حيث أسقطت روسيا 387 طائرة مسيرة أوكرانية خلال 24 ساعة في ديسمبر 2025 - وهو أكبر عدد تم تسجيله منذ بدء الحرب.
طورت أوكرانيا طائرات اعتراضية رخيصة لا تتجاوز تكلفتها 1000 دولار لمواجهة الدرونز الروسية الانتحارية، هذا التحول نحو الأنظمة منخفضة التكلفة يعيد تشكيل استراتيجيات الدفاع الجوي الحديثة.
الولايات المتحدة.. برنامج "هيمنة الدرونز"
أطلقت الولايات المتحدة برنامج "Drone Dominance Program" الأضخم في تاريخها. ووفقاً لموقع "ميليتاري"، يهدف البرنامج لإنتاج أكثر من 300,000 طائرة مسيرة صغيرة خلال السنوات القادمة، بتكلفة 5000 دولار للواحدة.
تشمل الأهداف: 30,000 طائرة بحلول يوليو 2026، أكثر من 200,000 وحدة بحلول 2027، تكامل الدرونز في كل تدريبات القتال.
وصف وزير الدفاع بيت هيغسيث الطائرات المسيرة بأنها "أكبر ابتكار في ساحة المعركة"، مؤكداً أن الجيش الأمريكي يحاول اللحاق بالركب بعد أن تأخر في هذا المجال.
غزة والشرق الأوسط.. استخدام مثير للجدل
وفقاً لتحقيق مجلة 972 العبرية، استخدم الجيش الإسرائيلي طائرات تجارية صينية من نوع DJI بعد تعديلها لإلقاء القنابل والمراقبة في غزة. يشمل ذلك طائرات DJI Agras الزراعية التي حُولت لأغراض عسكرية.
كشف تحقيق أجرته منافذ إسرائيلية أن الجنود استخدموا طائرات تجارية مع ملحقات عسكرية تُسمى "الكرة الحديدية" لإسقاط قنابل يدوية على المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال، لإجبارهم على ترك منازلهم.
سوق الطائرات المسيرة.. نمو هائل
وفقاً لتقارير "جراند فيو للأبحاث" و"فيوتشر ماركت إنسايتس"، بلغت القيمة السوقية 2024: 40.53 مليار دولار، أما القيمة المتوقعة 2030: 87.63 مليار دولار، بمعدل نمو سنوي: 13.9% (2025-2023)، أما بالنسبة لسوق حرب الدرونز فقد بلغت القيمة 29.2 مليار دولار خلال 2025، ومن المتوقع أن تصل القيمة في 2035 إلى 75.8 مليار دولار .
الدول المصنعة الرئيسة
تركيا والصين أصبحتا من أكبر مصدري الطائرات المسيرة العسكرية. تركيا تجاوزت الصين كأكبر مورّد عالمي بحلول 2021، بفضل نجاح طائرات "بيرقدار تي بي 2" في ليبيا وناغورنو كاراباخ وأوكرانيا، وفقاً لتقرير "مركز الأمن القومي الأمريكي".
ومن المتوقع أن تستحوذ الطائرات المسيرة المستقلة على 61% من سوق حرب الدرونز بحلول 2025. تعمل هذه الأنظمة باستقلالية مع الحد الأدنى من التدخل البشري، مدعومة بالذكاء الاصطناعي وأنظمة الملاحة المتقدمة، فيما تهيمن الطائرات ذات الأجنحة الثابتة حاليا على 64% من السوق، بفضل قدرتها على حمل حمولات أثقل لفترات طيران أطول مع استهلاك أقل للطاقة.
التحديات والمخاطر
حذر تقرير "مركز المدنيين في النزاعات" من أن الانتشار السريع للطائرات المسيرة يؤدي إلى زيادة الأضرار المدنية. ارتفعت هجمات الدرونز التي تستهدف المدنيين بشكل كبير، مع تقارير عن استخدامها كـ"سلاح رعب" في أوكرانيا وغزة.
معظم مكونات الطائرات المسيرة تأتي من عدد صغير من المصنعين، معظمهم في الصين. فرضت الصين مؤخراً قيوداً تصديرية، مما يسلط الضوء على هشاشة سلاسل التوريد.
