تناولت صحيفة "التلغراف" البريطانية، كيف غيّرت تجربة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي كادت أن تُودي بحياة الزعيم الجمهوري، وذلك بعد مرور عام على محاولة الاغتيال في تجمع جماهيري في بتلر بولاية بنسلفانيا العام الماضي.
وكان الرسم البياني، الذي يُظهر أعداد المهاجرين يُعرض عادةً في الدقائق الختامية من الخطاب الانتخابي، وعندما أدار ترامب رأسه يمينًا لينظر إلى الرسم، تجنب رصاصة قاتلة بفارق ملليمترات.
وقال ستيفن تشيونغ، مدير الاتصالات في البيت الأبيض، الذي كان حاضرًا في شهر يوليو/تموز من عام 2024، في مكان الحادثة، إنه كان هناك تلاقٍ لأمورٍ تجنّبت المأساة، مشيرًا إلى أن ترامب تحدث أنه لا بد وأن تدخلا إلهيًّا قد حدث.
وبعد ذلك اليوم الذي خدشت فيه رصاصة أذن ترامب، فقد قلبت حملة انتخابات 2024 رأسًا على عقب وغيّرت الرئيس إلى الأبد، ومنذ ذلك الحين، تحدث ترامب عن توتره عندما يتحرك الناس بين الحشود في تجمعاته الانتخابية، وغازل فكرة توحيد الأمة، ووصف مهمته لإنقاذ أمريكا بأنها "عمل الله".
وبعد يومين فقط من إصابته، دخل ترامب منتصرًا إلى المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي، وسار في ممر الدخول أمام الكاميرات، ويبدو بكل ما للكلمة من معنى كبطل الوزن الثقيل العائد إلى الحلبة.
ولفترة من الوقت، أقام ترامب تجمعاته الانتخابية في أماكن مغلقة، مما قلل من خطر وجود قناص مُقلد، ولكن بعد 6 أسابيع، أعاد فريق أمنه ترتيب المكان بستائر واقية من الرصاص، مما سمح للمرشح الجمهوري باستئناف فعالياته المُعتادة.
وخلال تجمع انتخابي في ولاية نيويورك في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بدا عليه الذهول من حركة مفاجئة في الحضور، حيثُ قال: "ظننتُ أن هذا رجلٌ ماكر قادم. كما تعلمون، لديّ مشكلة في التذمر قليلاً هنا، أليس كذلك؟ كان ذلك مذهلاً. كنتُ مستعدًّا تمامًا لبدء القتال".
وكانت هناك آثار أخرى لإطلاق النار، وفقًا لبليك مارنيل، الذي يجوب البلاد لحضور التجمعات الانتخابية، والذي كان في الصف الأمامي في بتلر.
قال مارنيل إن الناخبين الأكبر سنًّا يتذكرون الغضب والعنف في البلاد في فترة اغتيال جون إف كينيدي، بل على العكس، ساعد إطلاق النار هذه المرة الناخبين على الالتفاف حول الزعيم الجريح.
وأضاف أن "هذا أيضًا بلْور دعم إيلون ماسك للرئيس، فقد أيد أغنى رجل في العالم ترامب في الليلة التي تلت حادثة إطلاق النار، وظهر معه على المنصة عندما عاد المرشح الجمهوري إلى بتلر بعد ثلاثة أشهر".
ولفترة من الوقت، اتخذت خطابات ترامب طابعًا أكثر تقاربًا بين الحزبين، ووصف مُساعدوه كيف تم تخفيف حدة لهجة خطاب لاذع في أحد المؤتمرات حرصًا على الوحدة الوطنية.
وفي بداية خطابه، الذي استغرق 90 دقيقة، قال ترامب: "يجب رأب الصدع والانقسام في مجتمعنا. يجب أن نعالجه بسرعة. كأمريكيين، يربطنا مصير واحد ومصير مشترك. ننهض معًا، أو ننهار".
لكن العناوين الرئيسة التي تتحدث عن ترامب أكثر ليونة لم تدم طويلًا، إذ استأنف هجماته اللاذعة على جو بايدن، الرئيس آنذاك، وكامالا هاريس، منافسته في الانتخابات.
وبحسب الصحيفة، استخدم ترامب نفسه إطارًا دينيًّا لوصف حملته بعد نجاته بأعجوبة في بتلر، وكثيرًا ما شوهد وهو يشارك في صلاة جماعية، والرئيس في المنتصف، رأسه منحنٍ، بينما يمد أنصاره أيديهم ليلمسوا ذراعه، ومرفقه، وظهر كرسيه.
وقال في مقابلة: "أتمنى لو أن الله هو من يفعل ذلك لأنه يريد إنقاذ أمريكا. إنه يرى ما يحدث. الله يرى ما يحدث في أمريكا".
وتجاهل ترامب أسئلة حول اضطراب ما بعد الصدمة أو الندوب النفسية، لكنه عاد مرارًا وتكرارًا إلى فكرة أن نجاته من ذلك اليوم قد عززت عزيمته وإيمانه.
وقال بعد شهر من عودته إلى البيت الأبيض: "لقد غيّرت الحادثة شيئًا ما في داخلي. أشعر، أشعر بقوة أكبر. كنت أؤمن بالله، لكن شعوري تجاهه أقوى بكثير".
وحقق ترامب عودة سياسية استثنائية، ليصبح ثاني رئيس في التاريخ يخدم فترات غير متتالية، إذ حكم بوتيرة سريعة، فخفّض القوى العاملة الفيدرالية، وألغى المساعدات الخارجية، وتحدى العالم بحرب تجارية، وقلّل من الهجرة غير الشرعية، وأخضع منتقدي وسائل الإعلام.