يقول مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن القرار الذي عُدّ خطوة مفاجئة، بمنع مواطني 12 دولة من دخول الولايات المتحدة، كان مطروحًا قبل وقت من تنفيذه، إلا أن هجوم نهاية الأسبوع الماضي، الذي نفذه مهاجر غير نظامي في ولاية كولورادو ضد مجموعة من المتظاهرين اليهود المطالبين بالإفراج عن المختطفين في قطاع غزة، عجّل بصدوره في صيغة الأمر التنفيذي.
وأوضح مسؤولو البيت الأبيض لـ"إرم نيوز" أن هناك استثناءات من هذا الحظر تشمل المقيمين بصفة دائمة من هذه الدول بالولايات المتحدة، وكذلك الحاملين تأشيرات سارية المفعول، إضافة إلى فئات أخرى.
هجوم كولورادو، الذي نفذه سائح مصري دخل الولايات بتأشيرة سياحية قبل أن تنفد صلاحيتها ويتحول وجوده في البلاد إلى وجود غير قانوني، وصُنّف على أنه هجوم كراهية ومعادٍ للسامية تجاه يهود أمريكيين، دفع الرئيس ترامب إلى المطالبة بتنفيذ أقسى العقوبات عليه وترحيله من البلاد.
الهجوم أعاد النقاش مجددًا إلى الواجهة سياسيًا وإعلاميًا حول مسألة المهاجرين غير النظاميين، الذين باتوا يشكلون مصدرًا للإخلال بالأمن والسلامة العامة في مختلف مدن البلاد، وهو دافع آخر للإدارة الحالية لإظهار المزيد من التشدد في التعامل مع ملف المهاجرين غير الشرعيين وتطبيق مزيد من الإجراءات المشددة لترحيلهم إلى خارج البلاد.
منذ عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض في أعقاب انتخابات الرئاسة في نوفمبر الماضي، لم يتوقف الحديث بين أركان إدارته حول إمكانية العودة إلى تطبيق حظر دخول مواطني دول إسلامية وعربية، كما حدث في ولايته الأولى، وهو قرار أثار حينها موجة انتقادات واسعة؛ بسبب اقتصار الحظر على دول إسلامية، قبل أن يتم توسيع القرار لاحقًا ليشمل دولًا أخرى غير إسلامية.
وخلّف القرار في ولايته الأولى موجة من الاستياء في كامل البلاد، خاصة بعد أن أدت نتائجه إلى ارتباك كبير في حياة عائلات أمريكية من أصول إسلامية وعربية، حيث شمل المنع أقرباء لهم كانوا خارج البلاد، ومُنع آخرون من دخول البلاد عند بوابات مطارات أمريكية؛ مما دفع بكثير من المنظمات الحقوقية إلى مقاضاة البيت الأبيض، كما تحرّك مشرعون ديمقراطيون في الكونغرس ضد حظر ترامب حينها.
لاحقًا، وبعد مغادرة الرئيس ترامب البيت الأبيض في نهاية ولايته الأولى، كان واحدًا من أولى المراسيم الرئاسية التي وقعها الرئيس السابق جو بايدن هو إلغاء حظر دخول مواطني الدول الإسلامية إلى الولايات المتحدة.
قرار ترامب الجديد يعيد ذلك النقاش القديم إلى الواجهة مرة أخرى، لكن باختلاف جوهري هذه المرة، وهو أن القرار تزامن مع هجوم السائح المصري على المتظاهرين، وسط موجة استياء واسعة من قبل مواطني وسلطات كولورادو، وآخرين في مختلف جهات البلاد.
يقول مسؤولون في إدارة ترامب لـ"إرم نيوز" إن خطة إعادة تفعيل الحظر كانت موضوعة على مكتب الرئيس في وقت مبكر من عمر هذه الإدارة، إلا أن التقدير كان ترك الوقت الكافي للدول المعنية بقرار الحظر والوقوف على مدى استعدادها للتعاون مع الولايات المتحدة في المسائل الأمنية التي ترتبط بسجلات مواطنيها القادمين إلى الولايات المتحدة.
ويضيف هؤلاء أن الرئيس حينها فضل إعطاء مهلة أربعة أشهر لهذه الدول، وحتى تلك التي كانت بحاجة إلى تحديث أنظمتها المعلوماتية، استفادت من هذه الفترة الزمنية.
وأوضحوا أن وتيرة الأحداث المتسارعة في نهاية الأسبوع جعلت الإدارة تفكر في اتخاذ تدابير فورية للتعامل مع مصادر خطر تهدد السلامة العامة وتمس أمن الأمريكيين، بسبب وجود مهاجرين غير نظاميين، بعضهم دخل البلاد بطريقة قانونية، لكن انتهاء صلاحية تأشيرته جعله يتحول إلى مهاجر غير نظامي، كما هو حال منفذ هجوم كولورادو.
هذا الهجوم، وكثير من الحوادث المماثلة، حمّل فيها ترامب المسؤولية للإدارة السابقة التي يقول إنها تتعامل بتساهل مع المهاجرين غير النظاميين، وسمحت لآلاف منهم بدخول البلاد عبر الحدود الجنوبية، كما سمحت لغيرهم بمخالفة مواعيد انتهاء تأشيراتهم والبقاء في البلاد دون متابعة قانونية أو قضائية.
قرار الإدارة الجديد يتزامن أيضًا مع أزمة متصاعدة تتعلق بمنع دخول الطلاب الأجانب إلى جامعة هارفارد وجامعات أمريكية أخرى، على خلفية الأزمة القائمة حاليًا بين البيت الأبيض وهارفارد، حيث يُمنع الطلبة الأجانب من الالتحاق بالجامعة العريقة، كما يُطالَب الطلاب الموجودون بها، حاليًا، بمغادرتها والبحث عن فرص للالتحاق بجامعات أخرى.