logo
العالم

ثورة كولومبية في الحرب على المخدرات.. أكبر منتج كوكايين يتحدى واشنطن

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو المصدر: فورين بوليسي

في خطوة غير مسبوقة على الساحة الدولية، تقود كولومبيا، أكبر منتج للكوكايين في العالم، جهودا لإعادة تعريف سياسة المخدرات العالمية. 

وتذكر "فورين بوليسي"، أن الولايات المتحدة صاغت السياسات الحالية للحرب على المخدرات منذ أكثر من ستة عقود، مع التركيز على الرقابة الصارمة والعقاب، إلَّا أن نتائجها جاءت مخيبة: ارتفاع الإنتاج والاستهلاك، مع تسجيل 316 مليون مستهلك للمخدرات غير القانونية في 2023، بزيادة 22٪ عن العقد الماضي، فيما شهدت زراعة الكوكا في كولومبيا، المصدر لنحو 67٪ من الكوكايين العالمي، ارتفاعا بنسبة 266٪ بين 2014-2023.

أخبار ذات علاقة

مسلح يقوم بحراسة محاصيل الكوكا في كولومبيا

"لن نشتري أسلحتكم".. كولومبيا تصعّد اللهجة مع واشنطن بسبب المخدرات

وسط هذه المعطيات، بحسب تقرير المجلة، تحاول كولومبيا قلب المعادلة؛ فالرئيس غوستافو بيترو، أول رئيس يساري معلن في البلاد، دفع نحو سياسة مخدرات تقدميّة على المستوى الدولي، داعيًا إلى إزالة ورقة الكوكا من قائمة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، وإعطاء أولوية أكبر للصحة العامة وحقوق الإنسان، وفي مارس، قدّمت كولومبيا قرارا في فيينا لإنشاء لجنة من 19 خبيرا مستقلا لمراجعة نظام الرقابة العالمي، ومن المقرر أن يناقش العالم نتائج اللجنة بدءا من 2026، في فرصة قد تغيّر قواعد اللعبة الدولية.

يرى الخبراء أن التحدي الذي يواجه بوغوتا ليس داخليا فحسب؛ فرغم رفع كولومبيا صوتها على الصعيد الدولي، فإنها تعتمد أساسا على واشنطن كممول رئيس وشريك أمني، وقد قامت إدارة ترامب مؤخرا، ولأول مرة منذ 3 عقود، بإلغاء تصنيف كولومبيا كشريك في مكافحة المخدرات، معتبرة أن البلاد "فشلت بشكل واضح"، ورغم استمرار المساعدات الأمريكية مؤقتا، فإن هذا القرار يقلل من مصداقية كولومبيا أمام شركائها الدوليين ويزيد الضغوط على بيترو في الداخل والخارج.

أخبار ذات علاقة

عناصر من مكافحة المخدرات في كولومبيا

واشنطن تسحب كولومبيا من قائمة الدول المتحالفة في مكافحة المخدرات

لكن كولومبيا على الصعيد المحلي، تتخذ خطوات متباينة؛ فبينما التزمت حكومة بيترو بزيادة الإنفاق الدفاعي ومكافحة جماعات تهريب المخدرات، فإنها أعادت في مارس برامج استبدال المحاصيل، وتدرس إعادة استخدام الرش الجوي للكوكا في مناطق تشهد هجمات على الجيش، ما يثير مخاوف صحية واسعة.

وفي الوقت نفسه، بحسب مراقبين، تسعى كولومبيا لإبراز قيمتها الاقتصادية العالمية عبر التزامها الصناعي؛ فشركة TSMC التايوانية، التي تمثل العمود الفقري في صناعة أشباه الموصلات، ضاعفت استثماراتها في مصانع أمريكية لتعزيز مكانة تايوان كمساهم رئيس في الاقتصاد العالمي، وعلى نحو مماثل، تضع كولومبيا نفسها في مركز النقاش العالمي حول المخدرات، داعيةً إلى سياسات خفض الضرر، مع تنظيم "المؤتمر الدولي للحد من الضرر" في إبريل، كجزء من استراتيجيتها لإعادة توجيه النقاش بعيدًا عن العقوبات الصارمة.

وفي هذا الصراع بين السياسات القديمة والنهج التقدمي، تبدو كولومبيا على مفترق طرق؛ فبينما يقف العالم أمام مراجعة تاريخية لنظام المخدرات الدولي، فإن هذه التجربة إما أن تتحول إلى نموذج لإعادة صياغة القواعد، أو إلى تحوّل قصير المدى، إذا ما أعادت السياسة الأمريكية ضبْط اللعبة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC