مدير منظمة الصحة العالمية يدعو إسرائيل إلى وقف "كارثة" المجاعة في غزة
سيكون برنامج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حافلاً في أول أيام الأسبوع لاستقبال ضيفه الفرنسي الذي يصل إلى واشنطن عبر الأطلسي، ليكون أول مسؤول أوروبي رفيع يدخل البيت الأبيض في بداية الولاية الثانية للرئيس ترامب، زيارة ماكرون هذه ستتبعها زيارة مماثلة لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في الأسبوع نفسه.
الوصول المتتابع للزعيمين الأوروبيين إلى واشنطن يأتي في توقيت حساس ومرحلة دقيقة في تاريخ العلاقات الأمريكية الأوروبية، وذلك بعد اتخاذ خطوات من جانب الرئيس ترامب يصفها الأوروبيون بأنها "انفرادية"، إذ شهدت سياسة واشنطن تحركات متعددة في أكثر من اتجاه في وقت واحد، وبالخصوص تجاه موسكو.
اتجاه موسكو
يعتقد الأوروبيون، بوصفهم الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة عبر المحيط الأطلسي، أن توجه إدارة ترامب لعقد اتصالات مباشرة ومفتوحة مع موسكو يشكل تجاوزًا للعلاقة التاريخية بين الحليفين. وهو أكثر من مجرد مسألة علاقات دبلوماسية، بل يتعلق بدورهم كشركاء رئيسيين في دعم أوكرانيا إبان إدارة الرئيس السابق، وما ترتب على ذلك من تطورات على صعيد دول حلف الناتو، والتي انعكست مباشرة على العلاقات مع موسكو تجاريًا وأمنيًا.
تشعر الدول الأوروبية أن بداية المفاوضات المباشرة بين واشنطن وموسكو في العاصمة السعودية كانت بمثابة التخلي الأمريكي عن العلاقة الاستراتيجية الوثيقة مع الشريك الأوروبي.
اتجاه كييف
ينظر الأوروبيون بقلق بالغ إلى الخلافات العميقة بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني بشأن مسار الحرب، وتحديد معالم العملية الدبلوماسية التي تهدف إلى إنهاء الصراع، تمهيدًا للتوصل إلى اتفاق سلام بين موسكو وكييف. هذا القلق الأوروبي ينبع من التوتر الحاصل في ظل غياب أوكرانيا عن طاولة المفاوضات، وعدم وجود خطة أوروبية أوكرانية للتعامل مع الواقع الجديد الذي قد تفرزه الجهود الدبلوماسية الأمريكية.
كما يعبر الأوروبيون عن عدم ارتياحهم إزاء المقارنات التي يعقدها ترامب بين موقفهم في دعم أوكرانيا، وطريقة الدعم التي قدمتها الإدارة السابقة. في الوقت ذاته، يرى الأوروبيون أن أي انقسام بين الأطراف الثلاثة (أمريكا، أوروبا، وأوكرانيا) سيكون لصالح روسيا بكل تأكيد.
تصريحات ماكرون
في هذا السياق، يُدفع الرئيس ماكرون، قبل وصوله إلى واشنطن، لتقديم وجهة نظر واضحة مفادها أنه لا يجب على الرئيس ترامب أن يظهر أي تساهل تجاه الرواية الروسية فيما يتعلق بالأمن ومسار العملية السياسية. ماكرون قد أكد في تصريحات عدة خلال الأسابيع الأخيرة أن السجال الأمريكي الأوروبي شمل قضايا عديدة، مثل الرسوم الجمركية وحصص المدفوعات الأوروبية في حلف الناتو، إضافة إلى الملف الأوكراني.
من جهة أخرى، يتطلع ماكرون إلى لقاء ترامب في البيت الأبيض باعتباره المسؤول الأوروبي الأكثر تواصلاً مع الرئيس الأمريكي منذ إعادة انتخابه. وكان ماكرون أول من وجه الدعوة لترامب لحضور مراسم إعادة افتتاح الكاتدرائية الوطنية في باريس، في محاولة لتنظيم لقاء ثلاثي بينه وبين ترامب وزيلينسكي.
مواقف متباينة
من الواضح أن الفروق بين الرؤية الأميركية والأوروبية بشأن الحرب في أوكرانيا كبيرة. فمسؤولو إدارة ترامب أكدوا أن الولايات المتحدة قد تحملت الجزء الأكبر من تكاليف الحرب الحالية، ويحاول ترامب الآن التوصل إلى اتفاق مع كييف يضمن استرداد الأموال الأمريكية التي تم صرفها خلال سنوات الحرب الثلاث. في حين أن الأوروبيين قدموا مساعداتهم لأوكرانيا في صورة قروض قابلة للسداد لاحقًا، وهو ما لم تفعله الولايات المتحدة.
على الجبهة الأوكرانية الأمريكية، تجري مفاوضات تهدف إلى إبرام اتفاق يسمح للولايات المتحدة بالاستفادة من نصف ثروات أوكرانيا الباطنية. هذه الخطوة، وفقًا لترامب، هي وسيلة لاسترداد المليارات التي أنفقتها الولايات المتحدة خلال الحرب، التي اعتبرها غير ضرورية في أكثر من مناسبة.
مواقف بريطانية وفرنسية موحدة
لا يقتصر الاختلاف على الموقف الفرنسي فقط، بل تتطابق الرؤية البريطانية مع الفرنسية، حيث يشدد كير ستارمر، المنتظر في البيت الأبيض هذا الخميس، على ضرورة أن يكون أي اتفاق يتم بحثه مستدامًا وليس مجرد اتفاق مؤقت، خوفًا من أن يعاود الرئيس الروسي الهجوم على جيرانه.
أما بالنسبة للموقف البريطاني، فلا يقتصر الأمر على اختلاف التصريحات المتباينة، بل يشمل أيضًا اختلافًا في كيفية التعامل مع موسكو. فقد أكدت الخارجية البريطانية أنها ستعلن عن سلسلة عقوبات جديدة ضد موسكو هذا الأسبوع، وهو مسار يختلف تمامًا عن الموقف الأميركي منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
من واشنطن إلى نيويورك: أوكرانيا العنوان المتكرر
في نيويورك، وعلى هامش الاجتماعات في الأمم المتحدة، ستقدم الولايات المتحدة مشروع قرار هذا الاثنين، هذا القرار أثار قلقًا كبيرًا بين الحلفاء الأوروبيين، لاسيما وأنه للمرة الأولى تتخلى الإدارة الأميركية عن أحد الثوابت في موقفها الدبلوماسي المتعلق بالحرب الأوكرانية، وهو الدعوة المستمرة إلى احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
بحسب دبلوماسيين مطلعين، فإن أي تصديق على هذا القرار سيعطي عملية التفاوض تأييدًا دوليًا مسبقًا، ما سيضعف بالتأكيد الموقف الأوكراني والأوروبي في حال تم الانخراط في عملية سياسية طويلة تهدف إلى تسوية الحرب.
الرؤية الفرنسية
وفي باريس، يقول مسؤولون رئاسيون إن هدف زيارة ماكرون هو التأكيد على أنه لا يجب الاستعجال في التوصل إلى تسوية لا تحقق الأهداف الأوكرانية والأوروبية الأساسية في هذه الحرب. في المقابل، يسبق ترامب وصول المسؤولين الفرنسي والبريطاني إلى البيت الأبيض قائلاً إن كليهما لم يفعل شيئًا لإيقاف هذه الحرب خلال السنوات الثلاث الماضية.
التصويت المرتقب في الأمم المتحدة
يشير مشروع القرار الأميركي إلى ضرورة إنهاء الحرب بسرعة والبحث عن سلام دائم بين كييف وموسكو، ولكنه يتجاهل الدعم العلني والمباشر الذي تضمنته القرارات الأميركية السابقة. وفي المقابل، يطرح مشروع قرار آخر مشترك بين الأوروبيين والأوكرانيين ضرورة مضاعفة الجهود الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق سلام شامل ومستدام هذا العام.