logo
العالم

قطار بكين يتقدم.. الصين تُحكم قبضتها على معادن أفريقيا وواشنطن تتعثر

قطار شحن في أفريقياالمصدر: بلومبرغ

أعادت الصين هذا الأسبوع إحياء واحد من أبرز مشاريعها التاريخية في أفريقيا، بعدما وقّعت اتفاقية بقيمة 1.4 مليار دولار مع زامبيا وتنزانيا لتجديد خط سكة حديد استراتيجي يربط حزام النحاس في قلب القارة بميناء على المحيط الهندي.

وذكرت وكالة "بلومبرغ" أن هذا المشروع الذي بُني في السبعينيات بتمويل صيني خلال حقبة ماو تسي تونغ، يعود اليوم بحلة جديدة في إطار سياسة الرئيس شي جين بينغ الرامية إلى تعزيز النفوذ الاقتصادي عبر "مبادرة الحزام والطريق". 

وبذلك تضمن بكين السيطرة على أحد أهم طرق تصدير النحاس في العالم، وهو معدن بالغ الحيوية لصناعات المستقبل من السيارات الكهربائية إلى مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

معادلة جديدة لزامبيا

بالنسبة لزامبيا، الدولة غير الساحلية، يمثل المشروع تحولا استراتيجيا؛ فاقتصادها كان يعتمد على الشاحنات لمسافات طويلة ومكلفة نحو الموانئ البحرية؛ ما تسبب في أعباء مالية خانقة، وازدحام حدودي، وتآكل في البنية التحتية.

لكن ما يجعل الصفقة أكثر إثارة هو أن زامبيا لن تتحمل ديونا جديدة؛ إذ ستقوم شركة الهندسة المدنية الصينية بإدارة المشروع تجاريا لمدة 30 عاما ضمن امتياز طويل الأمد، مع توليها عملية التمويل. 

أخبار ذات علاقة

جزر كوك

حرب المعادن تنتقل إلى عمق البحر.. "مواجهة ناعمة" بين واشنطن وبكين في جزر كوك

ويعزز هذا النموذج صورة الصين كـ"شريك عملي" يوفر حلولا فورية، بعكس النموذج الغربي التقليدي المعتمد على القروض المشروطة والتمويل البطيء.

وعود أمريكية متأخرة في ممر لوبيتو

على الجانب الآخر، تبدو الولايات المتحدة متأخرة في سباق المعادن الأفريقية؛ فقد أعلنت إدارة بايدن عام 2023 عن خطة تمويل أولية بقيمة 250 مليون دولار لإنشاء خط "ممر لوبيتو" لربط حزام النحاس بميناء على المحيط الأطلسي؛ ورغم مضاعفة التمويل لاحقا، فإن المشروع لم يشهد تقدما ملموسا بعد أكثر من عامين.

وعزز التأخير الأمريكي الانطباع بأن واشنطن تفتقد المرونة والسرعة في مواجهة التوسع الصيني؛ ما يمنح بكين فرصة لتكريس حضورها في البنية التحتية الأفريقية وربط القارة أكثر باقتصادها المتنامي.

اليورانيوم المفقود

يتقاطع هذا التنافس على المعادن الأفريقية أيضا مع أزمة موارد أخرى تواجه الولايات المتحدة داخليا: نقص إمدادات اليورانيوم.

أخبار ذات علاقة

المعادن الحيوية

"دبلوماسية المعادن".. واشنطن تتجه نحو ثروة أفريقيا "الهائلة"

فوفقا لتقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، لا يأتي سوى 8% من الوقود النووي المستخدم في البلاد من الإنتاج المحلي، بينما تعتمد المرافق النووية بشكل متزايد على الواردات. 

ومع ارتفاع الأسعار وتراجع العقود الجديدة، يُتوقع أن تواجه الولايات المتحدة فجوة في الإمدادات تصل إلى 184 مليون رطل خلال العقد المقبل، أي ما يعادل أكثر من ثلاث سنوات من استهلاكها الحالي.

وتهدد هذه الفجوة استقرار أكبر سوق للطاقة النووية في العالم، وتكشف هشاشة سلاسل التوريد الأمريكية مقارنة بالصين، التي عززت سيطرتها على الموارد من أفريقيا وآسيا الوسطى، ونجحت في بناء شبكة عالمية متكاملة من المناجم إلى الموانئ.

بينما تتحرك الصين بسرعة على الأرض لتعزيز قبضتها على معادن حيوية من النحاس إلى اليورانيوم، لا تزال الولايات المتحدة عالقة في مرحلة الوعود والتخطيط.

وتمثل زامبيا وتنزانيا نموذجا عمليا لكيفية توظيف بكين للبنية التحتية في خدمة أهدافها الجيوسياسية والاقتصادية، بينما يشير نقص اليورانيوم في السوق الأمريكية إلى تحديات أوسع قد تجعل واشنطن أكثر اعتمادا على واردات من دول تخضع لنفوذ منافسيها.

وفي سباق القرن الحادي والعشرين على الموارد، يبدو أن الصين لا تنتظر أحدا، فيما تواجه الولايات المتحدة معضلة سباق بدأته متأخرة وربما تخسره ما لم تغير استراتيجيتها جذريا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC