طرح محللون سياسيون فرنسيون تساؤلات حول نية وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتللو بتعيين "مبعوث ملكي" ضمن خطته لقانون الهجرة الجديد، مشيرين إلى أن هذا المقترح قد يفتح نقاشات حول رمزيته وأبعاده السياسية.
وفي خطوة تعيد إلى الأذهان استراتيجيات قديمة، أعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتللو عن عزمه إنشاء منصب "مبعوث ملكي" لمواجهة التحديات المتزايدة للهجرة، وتتمثل مهمته في التنسيق مع الدول الطاردة للمهاجرين أو التي يمر عبرها المهاجرون إلى أوروبا.
وقال أوليفييه دو لاكروا من مركز الدراسات الأوروبية، إن خطة ريتللو بإنشاء منصب "المبعوث الملكي" قد تكون خطوة نحو دبلوماسية موجهة بفعالية، لكنه يشكك في نجاحها دون تعاون قوي من دول المنشأ، التي غالباً ما تتردد في إعادة استقبال مواطنيها المرحلين.
وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذه الفكرة التي تعود إلى القرن التاسع تعكس توجه ريتللو لتشديد سياسات الهجرة وخلق آلية دبلوماسية جديدة لتعزيز التعاون مع دول المنشأ والممر.
وأشار لاكروا إلى أن الخطاب المتشدد الذي يتبناه ريتللو يعكس ضغوطاً سياسية داخلية، لكنه قد يخلق توترات دبلوماسية مع دول صديقة، مثل المغرب، إذا لم تُراعَ الاعتبارات الدبلوماسية الحساسة.
وبشأن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي حول المساعدات الطبية، ترى الباحثة السياسية من "المعهد الفرنسي للهجرة" ماري دوفور أن هذا الاقتراح قد يواجه انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، التي تعتبر أن أي تقليص للمساعدات الطبية الأساسية قد يزيد من معاناة المهاجرين ويعقد الوضع الصحي والاجتماعي في فرنسا.
وأضافت دوفور لـ"إرم نيوز" أن تعيين "المبعوث الملكي" ربما يعكس رغبة الحكومة في منح هيبة خاصة لملف الهجرة، لكنها تتساءل عن مدى فاعلية مثل هذا المنصب، وما إذا كان سيسهم فعلاً في تحسين إدارة سياسات الهجرة.
كذلك، طُرحت تساؤلات حول دور هذا المبعوث وما إذا كان سيتضمن صلاحيات تنفيذية أم استشارية فقط، مما قد يؤثر على مدى تأثيره في اتخاذ القرارات.
وترى دوفور أن هذه الخطوة قد تأتي في سياق استعراض الحكومة لصرامتها في ملف الهجرة، خصوصاً مع تصاعد المخاوف الأمنية والمطالب الشعبية بإجراءات أكثر حزمًا في هذا المجال.
وفي تصريحاته الأخيرة على إذاعة "فرانس إنتر"، أشار وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتللو إلى نيته إنشاء منصب "المبعوث الملكي" في سياق قانون الهجرة الجديد الذي يعمل عليه.
وأوضح الوزير الفرنسي أن مهمة هذا المبعوث ستكون توسيع إطار التعاون بين فرنسا ودول المنشأ والممر، من خلال إبرام اتفاقيات ثنائية تهدف إلى تسهيل عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، لا سيما أولئك الذين يشملهم أمر مغادرة الأراضي الفرنسية.
وشرح الوزير الفرنسي مفهوم "المبعوث الملكي" بأنهم كانوا في القرن التاسع ممثلين للسلطة الملكية، يعملون على مراقبة السلطات المحلية وضمان تنفيذ القوانين على كافة أراضي الإمبراطورية، بما في ذلك المناطق النائية.
ويتطلع ريتللو إلى تحديث هذا الدور بما يتناسب مع العصر الحالي، بحيث يكون المبعوثون قادرين على التنقل بين الدول لتسهيل إعادة المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم.
وأشار الوزير إلى المغرب كمثال على الشراكة المحتملة التي يمكن أن تُسرع عملية إعادة المهاجرين، إذ يرى فيها دولة صديقة وآمنة، ويعتزم زيارة المملكة برفقة الرئيس إيمانويل ماكرون لبحث هذه الملفات.
كما شدد ريتللو على نيته تعديل نظام المساعدات الطبية للأجانب ليصبح "مساعدات طبية طارئة" بدلاً من النظام الحالي، مبرراً هذا التغيير برغبته في عدم تشجيع الهجرة غير الشرعية، مؤكداً أن هذا التعديل لن يترك أي شخص دون رعاية صحية في فرنسا.