في خطوة مثيرة للاهتمام على الساحة السياسية الفرنسية، قرر كل من المعسكر الرئاسي والكتلة اليسارية في البرلمان، سحب جزء من التعديلات المقترحة على مشروع موازنة فرنسا لعام 2025.
وتأتي هذه الخطوة وسط مناقشات ساخنة حول قضايا أساسية، كالإصلاحات الهيكلية للإنفاق العام، والتمويل المستدام، ومستقبل الاقتصاد الفرنسي.
ووفق محللين سياسيين فرنسيين، يعتبر هذا الاتفاق محاولة لتجنب الدخول في مواجهة برلمانية مكثفة قد تطيل من زمن المداولات وتعرقل تنفيذ الموازنة ضمن الإطار الزمني المخطط.
وقال المحلل السياسي الفرنسي في معهد "جاك لويس ليون" المتخصص في الأبحاث البرلمانية بباريس، لوران بودان، إن "الاتفاق الجزئي بين المعسكرين هو بمثابة هدنة مؤقتة، تتيح تمرير بعض البنود دون التأثير على الصراعات الكبرى التي قد تتأجل مناقشتها للعام المقبل".
وتشمل موازنة عام 2025 عددًا من البنود الحساسة، من بينها تحسين خدمات الصحة العامة، وتحفيز الاقتصاد الأخضر، وتعزيز الاستثمارات في التعليم.
وأضاف بودان، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه رغم التوافق الجزئي، يتساءل كثير من أعضاء الكتلة اليسارية حول جدوى هذه الخطوة، حيث يرون أن الحكومة قد تتجنب معالجة القضايا الأساسية من خلال هذا التنازل الظاهري.
وأشار إلى أن المعارضة تدرك أن سحب التعديلات قد لا يؤدي لتسريع النقاش بشكل جوهري، إذا لم تُوضع خطة واضحة لتسوية الملفات الكبرى؛ إذ تبقى قضايا مثل تحسين الأجور وتخفيض الفقر معلقة.
ومع انتهاء المناقشات، قد يتمكّن المعسكر الرئاسي من تمرير الموازنة بعد سحب بعض التعديلات، لكن يبقى السؤال الأهم: هل سيحافظ هذا النهج على استقرار الاقتصاد الفرنسي وسط تزايد التحديات الاجتماعية؟.
وبهذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي في مؤسسة باريس للدراسات المالية، جان-بيير تريماييه، أن فرنسا تجد نفسها اليوم أمام موازنة تحتاج لتوازن دقيق بين الإنفاق على القضايا الاجتماعية، وبين تقليص العجز الذي أصبح متفاقمًا في السنوات الأخيرة".
وأضاف تريماييه، لـ"إرم نيوز"، أن التحدي يكمن في محاولة الحكومة تجنب رفع الضرائب، وهو ما يتطلب خفض الإنفاق في مجالات أخرى قد تكون حساسة سياسيًا.
واعتبر أن سحب التعديلات قد يكون إشارة إلى "حالة من الواقعية السياسية"، حيث يفضل المعسكر الرئاسي عدم خوض صراع مكلف في الوقت الحالي، إلا أن هذا قد يعني أيضًا "تجنب المواجهة الفعلية حول بعض التعديلات التي تعتبرها المعارضة ضرورية لضمان عدالة أكبر في توزيع الموازنة".