بوتين: روسيا ستسمح لمواطني الصين بدخول أراضيها بدون تأشيرة

logo
العالم

سقوط مايغا.. المرحلة الانتقالية في مالي تفقد آخر مظاهرها المدنية

سقوط مايغا.. المرحلة الانتقالية في مالي تفقد آخر مظاهرها المدنية
رئيس الوزراء المالي السابق شوغيل مايغا المصدر: aumali.net
22 أغسطس 2025، 7:04 ص

تفقد المرحلة الانتقالية في مالي، آخر مظاهرها المدنية، بعد سقوط رئيس الوزراء الانتقالي السابق،  شوغيل كوكالا مايغا، وإيداعه السجن بتهم اختلاس أموالٍ عامة، والتآمر على سلطة الدولة.

ورأى تقرير لمجلة "لوبوان" الفرنسية، أن هذا المشهدٍ يُلخص مسار الانتقال السياسي المعقَّد في مالي؛ ذلك أن الرجل الذي كان، قبل سنواتٍ قليلة، يُجسِّد الوجه المدني للمجلس العسكري، صار، اليوم، في موقع المتهم، في انعكاسٍ صارخ لتحولات السلطة في البلاد.

وقال التقرير  إن اعتقال مايغا، في أغسطس 2024، بتهمة الفساد لم يُقرأ في الداخل والخارج كقضية مالية بحتة، بل كمؤشر على أن المرحلة الانتقالية تفقد آخر مظاهرها المدنية؛ ففي الصحافة الأفريقية، جرى تصوير الواقعة كرسالةٍ واضحة، السلطة العسكرية لم تعُد بحاجةٍ إلى أقنعة، وأن أيّ صوتٍ يُحاول تذكيرها بالطابع المدني للانتقال مصيره الإقصاء أو الاتهام.

ونقلت "لوبوان" عن صحيفة "واكات سيرا" في بوركينا فاسو وصفها أن الموقف وضع "منبر الأمم المتحدة في قفص الاتهام"، معتبرةً أن الرجل الذي اتّهم فرنسا في 2021 بأنها "طعنت مالي في الظهر" أصبح ضحية النظام الذي ساهم في تثبيته، أما موقع "توغو بريس" التوغولي فذهب أبعد من ذلك، إذ رأى في القضية "مثالاً على عملية انتقالية مسدودة بالسلاح أكثر من صناديق الاقتراع".


وبحسب المجلة الفرنسية فإن اعتقال مايغا أثار صدمةً في الداخل المالي؛ فالمعارضة رأت فيه خطوةً جديدة في مسار عسكرة الحياة السياسية، وإسكات الأصوات المدنية، لكن المفارقة الأبرز تكمن في أن مايغا لم يكن مجرد معارضٍ عادي، بل كان أحد أعمدة المرحلة الانتقالية، كما أن وجوده في الحكومة بعد انقلاب 2021 منح المجلس العسكري شرعيةً كان يفتقدها، وسمح له بتمرير صورته كحكم يوازن بين السلطة الصارمة والدعم الشعبي، ولذلك فإن سقوطه، اليوم، يطرح سؤالًا جوهريًا: هل كان دوره مجرد واجهةٍ مؤقتةٍ لتمرير مشروعٍ عسكري بحت؟

أخبار ذات علاقة

زعيم المجلس العسكري في مالي

المجلس العسكري في مالي يعين عبد الله مايغا رئيساً للوزراء

 وفي الصعيد ذاته يرى المراقبون أن القضية تكشف نهاية مرحلةٍ رمزية أكثر منها سياسية؛ فاعتقال شخصيةٍ بهذا الوزن يعكس رغبة العقيد أسيمي غويتا في تثبيت حكمه دون الحاجة لشركاء مدنيين، كما أن الصحف في النيجر وكوت ديفوار التقطت البعد ذاته، فكتبت "أكتو نيجر" عن "سقوط الرجل الذي جسد الصوت المدني للمجلس العسكري"، فيما أشار موقع "لا إنفودروم" الإيفواري إلى التناقض بين "الخطيب المفعم بالحيوية" و"المتهم المحاصر".


وتُعلِّق المجلة الفرنسية على أن المسألة ليست عن فساد محتمل في مالي فحسب، بل عن مشهد سياسي إقليمي يتغير بسرعة، ففي منطقة الساحل، حيث تتسع دائرة الانقلابات، يبدو أن النماذج الانتقالية تفقد تدريجيًا واجهاتها المدنية، وتتحول إلى أنظمةٍ عسكرية مكتملة الأركان، وقضية مايغا تجسد هذه اللحظة بوضوح، إذ تمثل رسالةً إلى الداخل والخارج مفادها أن الحكم في مالي، اليوم، هو حكم العسكر، ولا مكان لمدنيين حتى لو كانوا شركاء الأمس.

أخبار ذات علاقة

من احتجاج الأحزاب على قرار الحل

المجلس العسكري في مالي يعلن حل الأحزاب السياسية.. ماذا بعد؟

 
وأفاد التقرير أنه لا يمكن تجاهل البعد الإنساني للقصة؛ فالرجل أمضى 40 عامًا في المشهد السياسي، من برلماني ووزير إلى رئيس وزراء، ينتهي به الأمر متهمًا بالتآمر على الدولة التي دافع عنها بشراسة في الأمم المتحدة، المفارقة صادمة، من صوت مالي في المحافل الدولية إلى متهم في قفص داخلي، هذه الرحلة الشخصية تعكس كيف تبتلع السلطة العسكرية حتى أقرب حلفائها حين تتغير موازين القوة.


وكشفت المجلة الفرنسية أنه مع استمرار الإجراءات القضائية، تبدو القضية مرشَّحةً للتصعيد أكثر مما هي مرشحة للحل؛ فالمعارضة تراها خطوةً سياسية، والسلطة تعتبرها ملف فساد، لكن القراءة الأعمق تُشير إلى أن محاكمة مايغا قد تدخل التاريخ لا بسبب تفاصيلها القانونية، بل لأنها لحظةٌ فاصلة تُعلن نهاية الدور المدني في الانتقال المالي.


وخلُصت المجلة إلى أن اعتقال شوغيل مايغا لم يكن مجرد حدث قضائي، بل علامة فارقة على مسار بلد تحكمه الانقلابات منذ سنوات. لقد تحوّل من رمز مدني يمنح شرعية للعسكر، إلى شاهد على نهايات التجارب الانتقالية التي تبدأ بوعود الديمقراطية، وتنتهي بتكريس الحكم العسكري.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC