أظهرت آخر الإحصاءات حول حالة السدود في إيران حتى الأحد أن مخزون المياه في 3 سدود رئيسة وصل إلى الصفر، فيما يبلغ متوسط حجم المياه في مخازن جميع السدود المهمة 41% فقط.
وبحسب البيانات التي نشرتها وكالة أنباء الطلبة "إيسنا"، فإن مجموع المدخول المائي لجميع السدود منذ بداية العام المائي حتى 15 أغسطس بلغ 23.81 مليار متر مكعب، مقارنة بـ40.89 مليار متر مكعب في الفترة نفسها من العام الماضي، أي بتراجع قدره 42%. كما سجلت صادرات المياه من السدود انخفاضًا بنسبة 22% مقارنة بالعام السابق.
ويبلغ حجم المياه الحالي في مخازن السدود 21 مليار متر مكعب، بانخفاض 25% عن العام الماضي، فيما تشير نسبة الامتلاء الإجمالية للسدود حتى 15 أغسطس إلى 41% فقط.
وحسب إحصاءات بعض السدود المهمة، وصل مخزون المياه إلى الصفر في سدود شيميل ونيان في هرمزغان جنوبي إيران، ورودبال داراب في محافظة فارس جنوبي البلاد، وسد وشمغسر في غلستان شمالي إيران، في حين أن حالة بقية السدود لم تختلف كثيراً عن هذا الوضع الحرج، ما يعكس أزمة مائية تهدد الأمن المائي في عدة مناطق من البلاد.
ويحذر الخبراء من أن الوضع يقترب من مرحلة حرجة في مناطق أخرى، خاصة مع تبقي أكثر من شهر على نهاية السنة المائية (1 أكتوبر).
وعلى سبيل المثال، سد لار في مازندران يحتوي على 5٪ من مخزونه، وسدود دوستی وطرق في خراسان رضوي على التوالي 5 و6٪، وسد 15 خرداد في قم أقل من 10٪، وسد ساوه في محافظة مرکزی 7٪، وسد سفیدرود في غيلان 4٪، فيما يحتوي سد استقلال في هرمزغان على 3٪ وسد سرني على 13٪ فقط.
انخفاض الأمطار وسوء الإدارة
ويشير الخبراء إلى أن انخفاض معدلات الأمطار كان أحد الأسباب الرئيسة للأزمة، فقد سجلت السنة الحالية تراجعًا بنسبة 40٪ مقارنة بالمتوسط طويل الأمد. كما أن بعض المحافظات مثل سیستان وبلوشستان وهرمزغان وخوزستان سجلت أدنى مستويات للهطول، فيما حافظت جيلان على معدل قريب من الطبيعي.
إلا أن الأزمة لا تُعزى فقط إلى الجفاف، بل تشمل أيضًا سوء إدارة الموارد وتوسع الزراعة والصناعة دون مراعاة محدودية المياه. ويستهلك القطاع الزراعي نحو سبعة أضعاف ما يستهلكه القطاع المنزلي، ما يزيد الضغط على الموارد المائية.
آثار ملموسة في المدن الكبرى
وفي العاصمة طهران، بدأت الحكومة خطوات لتعويض النقص، من بينها نقل جزء من مخزون سد طالقان لتلبية احتياجات السكان. لكن الخبراء يحذرون من أن العبث بمسارات الأنهار الطبيعية قد يؤدي إلى أضرار بيئية جسيمة، على غرار تجربة نهر زايندهرود وبحيرة أوروميه.
وعلى الرغم من هذه التحديات، تركز السياسات الحكومية الحالية على إجراءات مؤقتة، مثل تقنين المياه وتقليل الضغط عليها، مع قلة التركيز على حلول دائمة لإدارة الموارد.
أزمة مستدامة ومستمرة
ويشير الخبراء إلى أن الأزمة الحالية ليست مجرد انعكاس للجفاف، بل هي نتيجة للخلل بين الموارد المحدودة وإدارة المياه غير الفعالة. وقد تؤدي هذه الأوضاع إلى تحديات كبيرة في تأمين المياه الصالحة للشرب وتوليد الكهرباء من محطات الطاقة المائية، مع تأثير مباشر على الحياة اليومية والاقتصاد الوطني.
ويخلص المراقبون إلى أن الوضع الراهن يستدعي إصلاحات جذرية في السياسات المائية، من سدود وحصص استهلاك الزراعة والصناعة، لضمان استدامة الموارد وحماية مصالح الأجيال القادمة.