تعمل فرنسا والسويد على تعميق علاقاتهما الدفاعية في مجال الصواريخ والدفاع الجوي وحتى الردع النووي، وسط حالة عدم اليقين التي أحدثها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ عودته إلى البيت الأبيض.
ووفق تقرير لصحيفة "بوليتيكو"، فإن التعاون الوثيق بين اثنتين من أكبر القوى الدفاعية في أوروبا، يأتي مع تعزيز القارة للإنفاق العسكري لمواجهة التهديد من روسيا، وسط تساؤلات حول التزام الولايات المتحدة بأمن أوروبا في عهد ترامب.
وعلى الرغم من الاختلاف الجغرافي الكبير بين البلدين، فالسويد دولة قطبية تشترك في حدود بحرية مع روسيا، بينما تقع فرنسا على الجناح الجنوبي لحلف الناتو وتطل على البحر الأبيض المتوسط، إلا أن باريس وستوكهولم متشابهتان بشكل مدهش في سياساتهما الدفاعية، وهما تقتربان من بعضهما البعض.
كما أن الدولتين تتشاركان رؤية للاكتفاء الذاتي العسكري، تتضمن صناعة دفاعية قوية وواسعة النطاق وقوات مسلحة قادرة على الدفاع عن أراضيها دون الحاجة إلى مساعدة خارجية تُذكر.
وقال الجنرال نيكولا شامباز، المسؤول عن العلاقات الدولية في القوات الجوية والفضائية الفرنسية، إنه "من السهل جداً على السويد وفرنسا العمل، معاً، لأننا نملك عقلية متشابهة تماماً".
وتمتد العلاقات العسكرية بين فرنسا والسويد إلى قرون مضت، ففي العام 1631، وبموجب معاهدة باروالده، وافقت فرنسا على تقديم دعم مالي لمساعدة الدولة الإسكندنافية في حرب الثلاثين عاماً ضد النمسا هابسبورغ.
ويعمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تعزيز هذه العلاقات، حيث سيقوم بزيارة دولة لأوكرانيا، في يناير/كانون الثاني 2024. كما زار رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون باريس عدة مرات هذا العام، بما في ذلك للمشاركة في اجتماع "تحالف الراغبين" للدول المتحالفة مع أوكرانيا.
وزار القائد الأعلى للقوات المسلحة السويدية، الجنرال ميكائيل بايدن، فرنسا في أول رحلة خارجية له بعد انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بينما عيّن ماكرون، مؤخراً، نائب رئيس وكالة شراء الأسلحة التابعة للمديرية العامة للتسليح، تييري كارلييه، سفيراً لفرنسا لدى السويد.
وقال كارلييه إنّ "الشراكة مع السويد تفتح الباب أمام عمليات الشراء المتبادلة"، موضحاً أن فرنسا تُجري محادثات لشراء طائرات المراقبة غلوبال آي من ساب لتحل محل طائرات "بوينغ إي-3 سينتري أواكس" القديمة.
والأهم من ذلك، أن السويد من بين الدول الأوروبية الأكثر اهتماماً بمقترح ماكرون لمناقشة كيفية استخدام الأسلحة النووية الفرنسية لحماية أوروبا، وفقاً لما ذكره عدد من المسؤولين الفرنسيين والسويديين.
ووُجّه هذا الموضوع خلال لقاء وزير الدفاع السويدي، بول جونسون، بنظيره الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، في باريس في مارس/آذار الماضي، حيث كانت العديد من طائرات رافال التي أُرسلت إلى لوليا خلال عملية نشر بيغاس في الشمال العالي مزودة بقدرات نووية.
وقال جاكوب هالغرين، مدير المعهد السويدي للشؤون الدولية، في إشارة إلى المخاوف المتزايدة بشأن موثوقية الولايات المتحدة في عهد ترامب: "تلوح مسألة الردع النووي الأوروبي في الأفق، نتابع هذا الأمر عن كثب، اعتماداً على كيفية عمل الأمريكيين وتصرفهم" وفق تعبيره.