بعد تسريب تفاصيل خطة أعدتها وزارة الصحة في فرنسا، تتضمن ما وصف بتدابير عاجلة لوضع المستشفيات في "حالة استنفار"، استعدادًا لاندلاع حرب واسعة النطاق في أوروبا، قللت الحكومة الفرنسية من أهلية الإجراءات التي تضمّنتها الخطة المسربة.
وكانت صحيفة "لو كانار أونشينيه" الفرنسية، قد نشرت وثائق رسمية صادرة عن وزيرة الصحة كاترين فوترن، في الـ 18 يوليو الماضي، تأمر فيها هيئات الصحة الإقليمية بالاستعداد بحلول مارس 2026 لـ"حرب ذات كثافة عالية"، وطالبت بأن تكون المستشفيات مستعدة لاستقبال آلاف الجنود الجرحى.
وقال المصدر الفرنسي الذي سرب الخطة للصحيفة، إنه حصل على وثائق داخلية تطلب من وكالات الصحة الإقليمية إعداد مقدمي الرعاية الصحية لـ"تدخل عسكري" محتمل.
وذكرت الصحيفة، "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدعو إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، ولكن هل يصدق ذلك حقا؟.. على أي حال، تستعد حكومته لصراع شامل تحسبا لأي طارئ بالطبع". وعلّق المصدر الفرنسي على القرار قائلا: "يا له من اندفاع حقيقي.. انتبهوا.. حرب!".
وردت الحكومة الفرنسية، بالتأكيد على أن الوثيقة صحيحة، لكنها تتعلق بتكليف من الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطني التابعة لرئيس الوزراء الفرنسي، لوزيرة الصحة كاثرين فوتران بإنشاء مراكز طبية لاستقبال المرضى العائدين من مناطق القتال.
وأوضحت المذكرة، أنه يجب أن تكون هذه المراكز قريبة من محطات الحافلات أو القطارات أو الموانئ أو المطارات لتسهيل إعادة توجيه الجنود الأجانب إلى أوطانهم.
غير أن وزيرة الصحة الفرنسية قللت من تأثير هذه الإجراءات عبر مقابلة مع قناة "بي أف أم"، ليل الأربعاء، وتطرقت إلى نهج "الاستباق" البسيط، الذي يُمكن مقارنته بالنهج المستخدم في التعامل مع الأوبئة، وهكذا تحدثت الوزيرة عن الاستعداد للأزمات، دون استخدام مصطلح الحرب. وأكدت أن "على البلاد أن تكون مستعدة لأي أزمة".
وفي الوقت نفسه، سيُوزّع على المواطنين ابتداءً من الخريف كتيب بعنوان "الجميع صامدون"، قائلة إنه يتضمن قسمًا مخصصًا للحرب وهذا النوع من التواصل يُسهم تدريجيًا في إرساء منطق التعبئة الوطنية.
وأردفت بالقول "من الطبيعي أن تستبق البلاد الأزمات وعواقب ما يحدث.. وهذا جزء من مسؤولية الإدارات المركزية".
وتكتسب هذه المسألة من الاستعداد للحرب بُعدًا خاصًا في ظل السياق الجيوسياسي الدولي المضطرب، إذ يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التأكيد على الخطر المحدق بأوروبا، في حين تستمر الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا.
وبحسب إيمانويل ماكرون، فإن "بوتين غولٌ على أعتابنا"، و"مفترسٌ" "لا يريد السلام"، وذلك وفقًا لتصريحاته في 19 أغسطس. ووصف الرئيس الفرنسي نظيره الروسي على قناة "أل سي" بأنه "تهديدٌ للأوروبيين".
كما تعيش فرنسا أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية تتسم بسحب ثقة محتمل للحكومة التي يقودها فرانسوا بايرو، ودعوات إلى استقالة ماكرون، وأخرى إلى إغلاق وطني في 10 سبتمبر، كدليل على الإدانة الشعبية للإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة.