مقتل 8 أشخاص بغارات أمريكية على 3 مراكب في شرق المحيط الهادئ

logo
العالم

ثغرة في جدار أوروبا.. القيود الدستورية تحوّل فرنسا إلى ملاذ للاجئين

الأمن الفرنسي يتعامل مع مهجرين غير شرعيينالمصدر: (أ ف ب)

تبنى الاتحاد الأوروبي في خطوة وُصفت بأنها "غير قانونية"، نظامًا جديدًا للجوء يسمح بإنشاء "مراكز إعادة" خارج أراضي الاتحاد لمعالجة طلبات اللجوء، رغم تحذيرات الخدمات القانونية للمجلس الأوروبي من عدم شرعية هذا النظام. 

والأخطر من ذلك أن  فرنسا لم تعترض على هذا القرار، لكنها في الوقت نفسه لن تستطيع تطبيقه، مما يضعها في موقف حرج قد يجعلها الوجهة الأكثر جاذبية للاجئين في القارة.

فلسفة "غير قانونية لكننا نمضي قدمًا"

تحت الرئاسة الدنماركية، دفع مجلس العدل والشؤون الداخلية الأوروبي باتجاه تبني ما يُعرف بـ"مراكز الإعادة" (return hubs)، وهي مراكز تُقام خارج أوروبا لفحص طلبات اللجوء فيها بدلًا من معالجتها داخل الدول الأعضاء.

النص الجديد يوسع مفهوم "البلد الثالث الآمن" ليسهّل ترحيل طالبي اللجوء إلى دول عبور أو إلى هذه المراكز الخارجية، بحسب مجلة "لوبوان" الفرنسية.

وفيما أعلنت الخدمات القانونية للمجلس الأوروبي أن هذا الاقتراح يطرح مشاكل خطيرة من حيث الشرعية، سواء بموجب قانون الاتحاد الأوروبي أو القانون الدولي.

قررت الرئاسة الدنماركية المضي قدمًا في الخطوة، وتبعتها غالبية الدول الأعضاء، بما فيها فرنسا. الهدف من هذه الخطوة واضح: الإسراع في التنفيذ وخلق واقع فعلي، حتى لو استغرق البت القضائي سنوات، بحيث قد تكون "مراكز الإعادة" الأولى قد بدأت عملها بحلول ذلك الوقت.

أخبار ذات علاقة

الأمن الفرنسي يتعامل مع مهجرين غير شرعيين

لحل أزمة الهجرة.. دعوات فرنسية لإعادة النظر بالنظام الدولي

الفخ الدستوري الفرنسي

الموقف الفرنسي كان غامضًا ومتناقضًا؛ فقد لم تدعم باريس النظام الجديد، لكنها لم تعترض عليه أيضًا لتجنب تعطيل عمل المجلس، وذلك ببساطة لأن الدستور الفرنسي يمنعها من تطبيقه.

فالمادة 53-1 من الدستور الفرنسي تُلزم الدولة بفحص أي طلب لجوء يُقدَّم على حدودها بنفسها. أما إرسال طالب لجوء إلى "بلد ثالث آمن" دون فحص طلبه، أو إرساله إلى "مركز إعادة" لمعالجة طلبه هناك، يشكل انتهاكًا صريحًا لهذا المبدأ الدستوري.

فرنسا لا تمنع الدول الأخرى من تنفيذ ذلك، لكنها لن تطبقه على أراضيها، ما يجعلها وجهة أكثر جاذبية لشبكات التهريب والمهاجرين.

إرسال طالب لجوء إلى فرنسا يعني ضمان عدم ترحيله إلى بلد أفريقي ثالث، بينما في ألمانيا أو إيطاليا يصبح تهديد الترحيل إلى بلد ثالث رادعًا حقيقيًا. والدبلوماسيون الفرنسيون يدركون هذه المعضلة تمامًا.

أخبار ذات علاقة

الأمن الفرنسي يتعامل مع مهجرين غير شرعيين

دراسة: تشدد سياسات اللجوء جعل فرنسا "بلد إعادة توطين للأفغان"

نصّان مختلفان ومصير واحد

ما تبناه المجلس الأوروبي الاثنين، يتكون من نصين منفصلين. الأول يضع قائمة مشتركة بسبعة "بلدان منشأ آمنة": بنغلاديش، كولومبيا، مصر، الهند، كوسوفو، المغرب، وتونس.

طالبو اللجوء من هذه الدول سيخضعون لإجراءات معجّلة. هذا النص لا يشكل مشكلة لفرنسا.

أما النص الثاني فهو الأكثر إشكالية. يوسع بشكل كبير مفهوم "البلد الثالث الآمن" - أي دول العبور التي كان يمكن لطالب اللجوء أن يطلب الحماية فيها.

سابقًا، كان يجب وجود رابط بين طالب اللجوء والبلد الثالث (عائلة، إقامة سابقة). الآن، لم يعد هذا الرابط ضروريًا. يكفي أن يكون المهاجر قد عبر ذلك البلد قبل وصوله إلى الاتحاد الأوروبي. فمجرد المرور يكفي.

الخيار الثالث الأكثر جذرية: وجود اتفاق مع بلد ثالث يضمن فحص طلبات اللجوء هناك. هذا ما يُسمى "الحل الرواندي" (الذي رفضته المحاكم البريطانية). هذا هو الأساس القانوني لـ"مراكز الإعادة”.

أوغندا ورواندا: الردع بدلًا من التنفيذ

على سبيل المثال، إذا وصل مهاجر أفغاني إلى اليونان عبر تركيا، يمكن لأثينا الآن إعادته إلى تركيا دون فحص طلب اللجوء. خيار آخر هو إرسال طالب اللجوء إلى بلد ثالث، مثل رواندا أو أوغندا، إذا وُجد اتفاق يضمن فحص طلبه هناك. وفي حال حصل على صفة لاجئ، يبقى في تلك الدولة ولن يدخل أوروبا. أما فرنسا، فلا تستطيع تطبيق أي من هذين الخيارين.

هولندا، على سبيل المثال، أعلنت نيتها إبرام اتفاق مع أوغندا لإرسال طالبي اللجوء إليها. لكن الهدف الأساس هو الردع، وليس التنفيذ الفعلي.

ويقول دبلوماسي أوروبي: "يجب أن يكون البلد الثالث 'مخيفًا' بما يكفي لردع المهاجرين، لكن ليس سيئًا جدًا وإلا ستُبطل المحاكم النظام بتهمة انتهاك حقوق اللجوء الدولية".

أخبار ذات علاقة

البرلمان الأوروبي

خبراء: أزمة اللجوء تكشف هشاشة الاتحاد الأوروبي

فرنسا في موقف لا تُحسد عليه

تجد باريس نفسها في موقف حرج: لا تعرقل نظامًا لن تستطيع استخدامه، مع خطر أن تصبح بشكل افتراضي البلد الأكثر جاذبية في أوروبا لطالبي اللجوء.

 وبينما تتمكن ألمانيا وإيطاليا وهولندا من التلويح بالترحيل إلى دول ثالثة كورقة رادعة، تظل فرنسا ملزمة بمبادئها الدستورية - وهو التزام قد يكلفها غاليًا في معادلة الهجرة الأوروبية الجديدة.

القصة لم تنته بعد، إذ يجب على النص المرور عبر البرلمان الأوروبي للموافقة عليه، لكن للعلم لجنة الحريات المدنية في البرلمان وافقت على النظام في 3 ديسمبر بـ40 صوتًا مقابل 32، بعدما حصل حزب الشعب الأوروبي على دعم كل المجموعات السيادية والقومية.

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC