حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل من الانسياق إلى الغضب على نحو أعمى، وعدم تكرار الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر، وذلك خلال زيارته القصيرة لها الأسبوع الماضي.
وقالت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية: إن "تحذير بايدن يحمل في طياته إشارة إلى إخفاقات أمريكية حدثت أثناء الحرب على الإرهاب".
وفي ظل عدم تحديد خطة إستراتيجية إسرائيلية لتحقيق النصر العسكري، هناك خطر حقيقي من اتساع نطاق الحملة العسكرية مع استمرار النزاع.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن الحفاظ على أمن وسلامة كافة الإسرائيليين طوال الوقت هو في الحقيقة شيء مستحيل، حتى وإن تمكنت إسرائيل من استعادة قوة الردع الهائلة التي تمتلكها والتي تشكل جوهر العقيدة العسكرية الإسرائيلية ومن هنا جاء تحذير بايدن.
وتأتي قرارات صناع السياسات في الولايات المتحدة التي تجاهلت الممارسات الأخلاقية والقانونية والمهنية الأساسية المعترف بها في الحروب، وهو ما تسبب في وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان في مقدمتها فضيحة معتقل (غوانتانامو)، وعمليات الترحيل السري التي قامت بها المخابرات الأمريكية (CIA)، وما نجم عنها من ممارسات تعذيب بحق المعتقلين.
ويرى التقرير أن هذه الممارسات أدت إلى جر الولايات المتحدة إلى عالم من العنف وانعدام الشرعية وهو ما أرعب أنصارها، وتسبب بإحباط الروح المعنوية في الداخل. وفي كثير من الأحيان قادت هذه السياسات إلى نتائج عكسية، حيث ازدادت عمليات تجنيد المتطرفين المتشددين.
والآن بدأت القاعدة والجماعات المسلحة الأخرى باستغلال مشاهد المعاناة والبؤس في غزة لذلك أراد الرئيس الأمريكي أن ينقل رسالة إلى إسرائيل فحواها ألا تبالغ في تصوير إمكاناتها.
فطموحات الحرب على الإرهاب طغت على الواقع الحقيقي والموارد المتاحة حتى بالنسبة لقوة عظمى كالولايات المتحدة بدليل الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الولايات المتحدة بغزوها العراق.
واعتقد أنصار الغزو في أمريكا بأنهم قادرون على إعادة تشكيل الشرق الأوسط، ولكن تبين فيما بعد أن التدخل الأمريكي غير الضروري في العراق، كانت له تداعيات وعواقب مدمرة على أمن المنطقة والعالم.
ووفق التقرير، ربما أراد بايدن أن ينقل للإسرائيليين ما كان يدور في ذهنه بشأن تحول التعاطف الدولي الكبير مع الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر، إلى قلق وإحباط ثم غضب عميق في كثير من الأحيان.
فالكثير من الناس حول العالم بمن فيهم حلفاء إسرائيل، لا ينظرون إلى الأمور كما تنظر إليها إسرائيل، ما يعني أنهم لن يقدموا لها الدعم دائمًا، فقد تغيرت الديناميات بالنسبة لإسرائيل، ولكنها لم تتغير بالنسبة لبقية العالم، وهذا الدرس تعلمته الولايات المتحدة بصعوبة كبيرة، والآن إسرائيل معرضة لخطر الوقوع في نفس الفخ.
وربما لا يزال بايدن يتذكر جيدًا الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما في القاهرة، العام 2009، بعد 8 سنوات من الحرب على الإرهاب، سعيًا إلى "بداية جديدة" في العلاقات مع العالم الإسلامي... ولكنه جاء متأخرًا جدًا، فقد اجتاحت موجة من الاستقطاب والتطرف معظم أنحاء العالم.
والآن يخبر بايدن الإسرائيليين قبيل مغادرته إلى واشنطن أن "الأغلبية العظمى من الشعب الفلسطيني لا تنتمي لحماس... وحماس لا تمثل الشعب الفلسطيني".
المصدر: صحيفة "ذا غارديان" البريطانية