في قلب موجة العنف الأخيرة التي استهدفت قافلة إمداد تابعة لبعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى (مينوسكا)، تنشط ميليشيا "أزاندي آني كبي غبي"، التي تُحركها السلطات لصدّ متمردي اتحاد شعب الفولاني في جنوب شرق البلاد.
وهو ما يهدد الاستقرار الهش مع اقتراب انتخابات الرئاسة في الـ28 من شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، التي تهدد أيضًا بإشعال انتفاضة شعبية يسعى النظام جاهدًا للتقليل من شأنها.
وفي منطقة هوت مبومو، حيث يبث مرتزقة "أزاندي آني كبي غبي" الرعب، يتجذر الاستياء بين السكان الذين تخلت عنهم الدولة.
وفي جمهورية إفريقيا الوسطى، تعرضت قافلة لوجستية تابعة لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى (مينوسكا) لكمين على بعد حوالي 20 كيلومتراً من زيميو، في هوت مبومو، ونُسب الكمين إلى مقاتلين من جماعة زاندي المسلحة "أزاندي آني كبي غبي".
وسرعان ما رأت بانغي وحلفاؤها الروس في مجموعة "فاغنر" في ميليشيا أزاندي آني كبي غبي أداةً ملائمة، ففي شهر أيار/مايو 2024، تم دمج نحو مئتي رجل منها في الجيش الوطني ووضعهم تحت القيادة الروسية، لتعزيز القتال ضد اتحاد شعب الفولاني.
وما كان يُفترض أن يكون ركيزة أمنية تحوّل إلى دوامة لا يمكن السيطرة عليها، من نشوب الفوضى، ورفض للأوامر، وفظائع ضد المدنيين الفولانيين، واشتباكات مفتوحة مع القوات النظامية والميليشيات الروسية، مخلفةً وراءها نحو مئتي قتيل وآلاف النازحين في غضون عامين.
ويجد جيش إفريقيا الوسطى، الذي يعاني أصلاً من نقص الموارد والانقسامات القائمة على الهوية، نفسه عالقاً في دوامة يتحول فيها حلفاؤه المفترضون ميليشيات الزاندي إلى منافسين أو خصوم بالتناوب، مما يطمس الحدود بين قوات الأمن والقوات المساعدة والجماعات المسلحة.
وبعد مرور 12 عامًا على انقلاب 2013، لا تزال تركيبة القوات المسلحة منقسمة بشدة على أسس طائفية، إذ يقول مراقبون أنه لم يُسهم دمج ميليشيات الدفاع الذاتي، مثل جيش آسام الإفريقي، بأي شكل من الأشكال في تعزيز التماسك الوطني.
بل على العكس، زاد من تفتيت سلسلة القيادة وقوّض سياسة الدفاع التي تم تبنيها في نهاية عام 2024، وكان من المفترض أن تُرسّخ أسس جيش محايد ومحترف يُمثل تنوع إفريقيا الوسطى.
وبدلًا من بناء مؤسسة جمهورية، انتهجت الحكومة نهجًا عسكريًا متقلبًا قائمًا على الهوية، حيث تجند الجماعات المسلحة وفقًا لاحتياجات اللحظة، ثم تُهمّشها أو تُحاربها بمجرد أن تتوقف عن خدمة أجندة النظام، وفق صحيفة "موند أفريك" الفرنسية.
وتبرز منطقة "هوت مبومو"، مع اقتراب الانتخابات هذا الشهر، كنقطة ضعف تقوض الرواية المنتصرة عن بلد مسالم، والتي يرددها أنصار النظام. فقد استفادت بعض المناطق من تحسن الأمن بفضل إعادة تنظيم الدولة وإضعاف العديد من التمردات، إلا أن جنوب شرق البلاد لا يزال يعاني من تداعيات الأزمات الإقليمية، لا سيما في جنوب السودان، ومن استمرار تدفق الأسلحة والمقاتلين.
ويُورِّط هذا الوضع المتفجر سلطات بانغي بشكل مباشر في تصعيد العنف، فبدلاً من بناء جيش وطني، استغلت الحكومة الانقسامات العرقية كأداة للسيطرة، متلاعبةً بالاستياء المحلي ودمجت الميليشيات بناءً على حسابات قصيرة الأجل.
وبالاعتماد على مقاتلي الزاندي، أو جماعات مسلحة معينة، يتغاضى النظام فعلياً عن الانتهاكات والمجازر الجسيمة المرتكبة ضد المدنيين.