مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
من المرجح أن تكون أوروبا بحاجة ماسّة وعاجلة لشراء صواريخ "APKWS" الموجَّهة بالليزر (70mm) وتكاملها على مقاتلاتها ومنصاتها الجوية كحل سريع، رخيص وموثوق لخفض تكلفة اعتراض أسراب الطائرات المسيرة ورفع قابلية الردع دون اللجوء لصواريخ باهظة الثمن.
وذكر تقريرٌ أمريكي أنه وفي فجر يوم 10 من سبتمبر، اجتازت أكثر من 12 طائرة مسيّرة روسية الحدود الجوية لبولندا، قبل أن تتمكن مقاتلات "إف-35" الهولندية من إسقاط أقل من نصفها، غير أن هذه الاختراقات لم تُحدث فوضى عسكرية فحسب، بل أشعلت مخاوف من تصعيد غير مقصود بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، وهو صراع محتمل بين تحالف نووي وأكبر قوة نووية في العالم.
ويرى التقرير الذي نشره "معهد أبحاث السياسة الخارجية"، أن هذه الحادثة أثارت تساؤلات حقيقية حول جدوى الأدوات التي تعتمد عليها القوات الأوروبية حالياً، والتي تم تصميمها لمواجهة طائرات مأهولة وليس أسراباً من الطائرات المسيرة منخفضة التكلفة؛ فمنطقة الحدود الشرقية للحلف أصبحت تحتاج إلى حلول أكثر مرونة وفعالية من حيث التكلفة، وهنا تبرز صواريخ سلاح القتل الدقيق المتقدم "APKWS" الأمريكية الموجّهة بالليزر كخيار عملي وجاهز للتطبيق.
وكشف الخبراء أن هذه الصواريخ الأمريكية، التي يبلغ قطرها 70 ملم، أثبتت جدارتها في الشرق الأوسط للدفاع ضد الطائرات المسيرة الإيرانية التي تشبه النسخ الروسية من طائرات Geran-2، وهي طائرات بطيئة وغير مناورة، لكنها قادرة على إحداث أضرار استراتيجية إذا لم تُعترض بسرعة، لكن الميزة الأساسية لهذه الصواريخ ليست فقط دقتها، بل قدرتها على تغيير ميزان التكلفة؛ إذ يمكن الآن إنفاق عشرات الآلاف بدل ملايين الدولارات على كل اعتراض؛ ما يحافظ على الموارد العسكرية ويقلل العبء المالي على الدول الصغيرة والمتوسطة في أوروبا.
لكن الجانب الذي نادراً ما يسلِّط الإعلام الضوء عليه هو البُعد البشري والاستراتيجي لهذه التجربة؛ ففي بولندا، يعيش المدنيون تحت تهديد شبه يومي من الطائرات المسيرة الروسية، وأي تقصير في الدفاع الجوي يعرض حياتهم للخطر، وهنا، يصبح شراء ودمج هذه الصواريخ مسألة حماية المواطنين، لا مجرد إجراء تكتيكي، كما أن القرار الأوروبي المحتمل يعكس اختباراً مباشراً لكفاءة الأجهزة العسكرية والبيروقراطية الأوروبية في سرعة الاستجابة لأزمات جديدة، مع الحفاظ على الاستقرار السياسي والعسكري في المنطقة.
يعتقد مراقبون أن تكامل "APKWS" على مقاتلاتٍ بما فيها "رافال" الفرنسية و"تايفون" الأوروبية ليس مجرد تحديث تقني، بل رسالة واضحة بأن أوروبا قادرة على الدفاع عن سمائها بفاعلية وبتكلفة مناسبة، مع ضمان استمرار ردع أيّ عدوان روسي، ولذلك فإن هذه الخطوة قد تضع الحلف في موقف أكثر مرونة، بحيث لا يعتمد فقط على صواريخ باهظة الثمن أو أساليب دفاعية تقليدية، بل على أسلحة ذكية ومتكاملة مع القدرات الجوية القائمة.
وفي السياق نفسه، لم تعد السماء الأوروبية مجرد ساحة تدريب أو عرض للقوة، بل أصبحت ساحة مواجهة متجددة مع تهديدات منخفضة التكلفة لكنها عالية الاستراتيجية، ولذلك فإن اتخاذ قرار أوروبي سريع بشراء ودمج صواريخ "APKWS" سيسهم في تعزيز الردع العسكري لحلف الناتو بشكل عملي، دون انتظار حلول بعيدة أو مكلفة.
غير أن هذا التحرك الذي يظهر أوروبا وهي تواجه التحديات الجديدة بالسرعة والدقة، يطرح السؤال الأكبر: هل ستتمكن البيروقراطية العسكرية الأوروبية من تحويل هذه التجربة إلى نموذج دائم للردع، أم ستظل السماء ساحة اختبار للأسلحة الأمريكية؟