قدم خبراء أمميون شهاداتهم بشأن خطط كيغالي ومتمردي حركة "إم23" للسيطرة على شرق الكونغو، ما يضع اتفاق سلام برعاية أمريكية على المحك.
وتأتي شهادة الخبراء بعد أيام من الإعلان عن توقيع اتفاقية سلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا برعاية الولايات المتحدة، بهدف إنهاء الصراع.
وخلافا لاتفاق السلام، يعمل المتمردون المدعومون من كيغالي على بناء دولة موازية في شرق الكونغو، بهدف السيطرة الكاملة على تجارة المواد الخام في المنطقة، وفقًا لتقرير جديد صادر عن فريق خبراء الأمم المتحدة.
وفي اتفاق السلام، وعدت رواندا بسحب قواتها من شرق الكونغو خلال 3 أشهر، لكن تقرير الأمم المتحدة يظهر أن الرئيس الرواندي بول كاغامي لديه خطط أخرى للمنطقة الشاسعة، التي سيطر عليها في الأشهر الأخيرة مع متمردي حركة "إم23".
وجاء في التقرير الأممي، الذي أعده مجموعة من الخبراء برئاسة البلجيكية ميلاني دي جروف، "تزعم مصادر داخل الجيش الرواندي والحكومة الرواندية أن الهدف النهائي لكيغالي هو السيطرة على الأراضي والموارد الطبيعية الكونغولية".
وأكد خبراء الأمم المتحدة أيضا أن الحكومة الكونغولية استمرت في الاعتماد على القوات الديمقراطية لتحرير رواندا "كقوة بالوكالة".
ويُظهر تقرير الأمم المتحدة أن رواندا وحركة "إم23" تُنشئان هيكلا حكوميا موازيا في شرق الكونغو، ففي العاصمتين الإقليميتين اللتين استولت عليهما الحركة، غوما وبوكافو، لم تقتصر سيطرة الحركة على مناصب مهمة، مثل حاكم المقاطعة ورئيس البلدية، بل أصبحت إدارات الشرطة والمناجم والجمارك والهجرة أيضًا تحت سيطرة الحركة.
وخلال العام الماضي، سيطروا على مناجم كبيرة قرب روبايا، حيث يُستخرج الكولتان والقصدير، بالإضافة إلى معادن أخرى، وبعد الاستيلاء على مدينة بوكافو في شباط/فبراير الماضي، سيطرت رواندا أيضًا على مناجم إضافية.
يشكك الخبير الجزائري في الشؤون الإفريقية رمضان حمدي "بصلابة الاتفاق"، لافتًا إلى سفك الدماء المتكرر خاصة من رواندا، التي لا تحترم نصيبها من الاتفاق.
وبيّن لـ"إرم نيوز" أن تشكيكه جاء "لأنه طيلة عامين ونصف العام من الحرب بين الجيشين الجارين، وبعد 5 أشهر من الاستيلاء الدموي على مدينة غوما من قِبل حركة إم23، وهي ميليشيا التوتسي المدعومة من رواندا والتي تحكم الآن جزءا كبيرا من شرق البلاد، تم التوصل إلى عدة تفاهمات خرقت ولم تُحترم".
وأشار الخبير حمدي إلى غموض استمرار نشاط أكثر من 200 جماعة مسلحة وعتادها، التي تغذي أي نزاع، بينما لم يتم إبلاغ البرلمان الكونغولي بمشروع الاتفاق ولم يُوافق عليه وهو ما يشكل مصدر قلق آخر.
وتم توقيع الاتفاق في العاصمة الأمريكية واشنطن، بحضور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ونظيريه في الكونغو الديمقراطية تيريزا كاييكوامبا واغنر، وفي رواندا أوليفييه اندوهوجيريهي.
ورغم تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أخيرًا، توقيع الرئيسين الرواندي والكونغولي فيليكس تشيسكيدي على اتفاق السلام خلال تموز/يوليو الجاري، فإن مستشاره للشؤون الإفريقية مسعد بولس قال إن "الموعد لم يُحدد بعد".
وأشار بولس لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، اليوم الخميس، إلى أنهم "متفائلون لأن الرئيسين أعربا عن عزمهما تنفيذه غير أنهم واقعيون أيضا".
وتتناقض عملية السلام مع ما كشفه تقرير الأمم المتحدة، لكن بالنسبة لكيغالي، تُعدّ الأزمة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية مشكلة كونغولية يجب حلها بين أبناء الوطن، ويجب أن تُسهم عملية واشنطن في تحييد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، التي يُشكّل وجودها تهديدًا وجوديًا لرواندا.
وتبقى إمكانية تحقيق السلام في المنطقة على المحك، خاصة أن قادة تحالف القوى من أجل التغيير/حركة 23 مارس وقادة روانديين، مثل جيمس كاباريبي وباتريك كاروريتوا، صرّحوا بأن المتمردين لن ينسحبوا من الأراضي المحتلة بصرف النظر عن نتيجة المفاوضات، وأن الوساطات الجارية تُستخدم لكسب الوقت.