logo
العالم

تقارير فرنسية: "الكعكة الصفراء" تنتقل من النيجر إلى إيران عبر روسيا

منجم يورانيوم في النيجرالمصدر: رويترز

في الوقت الذي يتحدث فيه المجلس العسكري في النيجر عن طرح اليورانيوم في السوق الدولية، رجحت مصادر إعلامية فرنسية أن تصل شحنة اليورانيوم التي بلغت مستوى "الكعكة الصفراء" إلى إيران عبر روسيا، حيث اقتنت الأخيرة شحنة من 1000 طن من اليورانيوم بـ 137 مليون يورو. 

أخبار ذات علاقة

منجم يورانيوم في النيجر

النيجر تطرح مخزونها من اليورانيوم للبيع في السوق الدولية

ومنذ استيلاء المجلس العسكري على السلطة في النيجر في 2023، ونيامي وباريس تخوضان حربا معلنة على "السيطرة على اليورانيوم".

وفيما ترى جمهورية النيجر أنّ جهدها جزء من عملية تأميم لثرواتها الطبيعية ولبسط سيادتها على مواردها التعدينية، تعتبر باريس أنّ ما يجري خلط هجين بين تصفية الحسابات السياسية ضدّها والسعي لاستبدالها بالفاعلين الروسي والصيني المتربصين بيورانيوم النيجر منذ عقود طويلة.

قرار تاريخي

وفي قرار تاريخي، أعلنت النيجر طرح اليورانيوم الذي تنتجه شركة "سومير" التابعة لشركة "أورانا" الفرنسية العملاقة، قبل تأميمها في يونيو/ حزيران، للبيع في السوق الدولية.

ونقل التلفزيون الرسمي "تيلي ساحل" عن رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني تأكيده "حق النيجر المشروع في التصرف بثرواتها الطبيعية وبيعها لمن يرغب في شرائها، وفقا لقواعد السوق، وباستقلالية تامة".

ونشرت مواقع إخبارية فرنسية، نقلا عن فيديوهات جديدة منشورة على صفحات وحسابات في شبكات التواصل الاجتماعية، مقاطع تثبت نقل شاحنات نيجرية اليورانيوم من مواقع الاستخراج التابعة للشركات الفرنسية العاملة هناك، إلى أماكن أخرى غير معلومة.

وأشار تقرير إخباري مطول منشور على موقع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إلى نقل هذه العربات المحلية المصفحة شحنات كبيرة من اليورانيوم، مؤكدا أنّه "وإن لم تكن الوجهة واضحة فإنّ المستفيد الروسي واضح جدّا".

من جهتها، كشفت صحيفة "لا تريبون" الفرنسية عن مستجدات مهمة متصلة بهذا الملف، حيث أكدّت أنّ ما أعلنه المجلس العسكري النيجري عن طرح لليورانيوم في السوق العالمية هو أمر تعكف على إنجازه وإتمامه السلطات النيجرية من أسابيع على الأقل.

مصير الكعكة الصفراء

وتؤكد الصحيفة أنّ شركة "أورانو" لاحظت منذ ديسمبر كانون الأول 2024، فقدان السيطرة العملياتية على موقع "سومير"، الذي حافظ على الرغم من التصعيد والخلافات مع نيامي، على معدل إنتاج جيد يقدّر بـ 1130 طنا من اليورانيوم سنويا.

أما موقع "أرليت"، وعلى الرغم من الصعوبة الجغرافية، فإنّه نجح في التوصل إلى "الكعكة الصفراء"، بما يعني بلوغ مستويات متميزة من التشغيل والتثمين والعمل الدؤوب للوصول لهذا المستوى.

ونقلت "لا تريبون" عن خبراء أكاديميين في اليورانيوم، قولهم إنّ التوصل إلى 1400 طن من المخزون القادر على بلوغ مستوى "الكعكة الصفراء"، يستلزم على الأقل أكثر من 3 سنوات كاملة من تشغيل المحرك، دون أي توقف، في إشارة من الصحيفة إلى قيمة العمل والجهد الذي بذلته الشركات الفرنسية للوصول إلى هذا المستوى من التعدين والمعالجة.

وأضافت أنّ كل هذا المحصول يبدو أنّه انتقل إلى مكان آخر خارج النيجر، حيث تشير إلى أنّ عشرين مركبة مصفحة – يبدو أنها كانت مجهزّة لحمل ونقل محتويات خطيرة - غادرت موقع "أرليت" نحو منطقة "أغاديز".

من المسار البري إلى البحري

اللافت في تقرير "لا تريبون"، أنّه يشير إلى المسار البري الذي قطعته هذه المركبات، حيث يشير إلى أنّها غادرت "أغاديز"، نحو بوركينافاسو، قبل الوصول إلى ميناء "لومي" في توغو.

وعززت الصحيفة هذا التتبع، بتصريح من مصدر أمني نيجري لوكالة "رويترز"، أكّد أنّ شحنة من أكثر من ألف طن من اليورانيوم غادرت البلاد.

وتساءلت الصحيفة: إلى أية وجهة، وفي أي مسار، ومن هو المستفيد منها؟ وهل ثمة مصدر ثالث لهذا المصدر الثاني الذي قد يبدو أنه الفاعل الروسي؟

في هذا السياق، يرجح الموقع أن يكون اليورانيوم النيجري قد وصل إلى الجانب الروسي، وذلك بالنظر إلى 3 أسباب كبرى.

وذكر أن السبب الأول حاجة روسيا لهذا المخزون من اليورانيوم للاستعمال المحلي لا سيما أنّ الحرب في أوكرانيا استغرقت كافة الجهود الأمنية والمادية واللوجستية، والثاني أنّ روسيا وقعت مؤخرا اتفاقا مع توغو يُمكّن البحرية الروسية من الرسو في ميناء "لومي"، والثالث هبوط طائرة تابعة للجيش الروسي في منطقة أغاديز خلال الأسابيع الماضية تزامنا مع نقل اليورانيوم.

أمّا الحجّة الأقوى، التي نفتها النيجر بقوّة، فتكمن في دخول شركة "روزاتوم" الروسية على خطّ اقتناء 1000 طنّ من اليورانيوم، بمقابل مادي يبلغ 147 مليون يورو، ويبدو أنّ الصفقة تمت بنجاح بين نيامي وموسكو.

الطرف الثالث

في هذا المفصل بالذات، تبدأ قصة ثانية، متعلقة باستخدامات هذا اليورانيوم، وهل هو فقط للاستخدام المحلي الروسي أم أنّ موسكو ستسلمه لطرف ثالث؟

هنا، يبسط الموقع عدّة خيارات لانتقال هذه الشحنة الكبيرة من اليورانيوم والتي تقع تحت مسمى "الكعكة الصفراء"، حيث يشير إلى الدول التي قد تستفيد منها والتي لها منشآت لتخصيبها ولإثرائها المعقد، وهي أساسا "الولايات المتحدة وكندا والصين وفرنسا وروسيا وإيران".

ويضيف الموقع: إن كانت الولايات المتحدة لها مخزونها الكافي ولها عقود مع كازاخستان ونفس الأمر لكندا، والصين التي يفوق إنتاجها استعمالها بسنوات وعقود، وإن كانت فرنسا مستبعدة من هذا الأمر، فإنّ المستفيد الحقيقي هو روسيا، والممكن هو إيران.

ومن الواضح أنّ تقرير "لاتريبون" يربط بشكل تلازمي بين الضربة التّي وُجّهت لإيران خلال حرب الـ 12 يوما والتي أتت على نصيب كبير من مشروعها النووي، وبين السعي الإيراني لتعويض هذه الخسارة عبر الحلفاء الإقليميين والدوليين، خاصة أنّ جزءا من برنامجها النووي سري وغير معروف المصدر.

كما يمكن تحليليا إيجاد علاقة سببية بين الاتفاق النووي الموقع أخيرا بين إيران وروسيا، وبين هذه الشحنة من اليورانيوم.

غضب فرنسي واضح 

ولئن كان بالإمكان الذهاب بالتحليل السياسي لاتجاهات استراتيجية، قد تذهب لصالح السردية الفرنسية في ضرب اليورانيوم النيجري، وتحويله إلى خطر يهدد الأمن العالمي من خلال ربطه بإيران، فإنّ الثابت من خلال هذه القصة أنّ "الكعكة الصفراء" وصلت إلى مرفأ "لومي" في توغو، حيث انتهت رحلتها البرية المعلومة وبدأت رحلتها البحرية المجهولة.

وفي مسعى لفهم الموقف الفرنسي حيال مستجدات اليورانيوم النيجري، بالإمكان وضعه ضمن 3 محددات كبرى، الأول أنّ تأميم اليورانيوم ليس سوى استبعاد لشركاتها واستغلال للجهد الكبير الذي قامت به لاستخراج اليورانيوم وتثمينه وتعدينه وتحويله إلى "كعكة صفراء".

الثاني أنّ الأمر ليس تأميما وإنما استبدال فاعل فرنسي بفاعل روسي ليست له أية مواقف سياسية مبدئية حيال الانقلابات العسكرية، والثالث أنّ طرح اليورانيوم في السوق الدولي يعني إخراجه من سياق واضح ومحدّد إلى سياقات واستعمالات واستخدامات غير منضبطة، قد تبدأ من إيران ولا تنتهي عند الجماعات المتطرفة. 

أخبار ذات علاقة

منجم لليورانيوم

"خلافات حادة".. نزاع جديد بين النيجر وفرنسا حول استغلال اليورانيوم

وفي المقابل، تعتبر نيامي أنّ الأمر لا يعدو أن يكون جزءا من استحقاقاتها السيادية على ثرواتها الباطنية والتعدينية ورفضا لطوق الأسعار التفاضلية التي تطرحها الشركات الفرنسية عليها والتي تأتي بنصف السعر الحقيقي لليورانيوم في السوق العالمي.

عائدات مالية كبيرة

تشير المصادر الاقتصادية المطلعة إلى أنّ الأسعار التفاضلية التي تطرحها الشركات الفرنسية على نيامي، متراوحة من 40 إلى 50 دولارا للرطل، في حين أنّ سعره في السوق العالمي يتراوح من 75 إلى 110 دولارات للرطل.

وتؤكد المصادر أنّ سعر الرطل في السوق العالمية، له نوعان اثنان، سوق العقود طويلة الأجل وهو السوق المستقر نسبيا. هنا يتراوح سعر الرطل فيها من 75 إلى 80 دولارا، فيما يبلغ سعره في "السوق الفوري" من 100 إلى 110 دولارات، وفي الحالتين فإنّ زيادة الإيرادات الوطنية من المبيعات قد تتجاوز 100 بالمئة لكل رطل، وهو الهدف الاقتصادي الكبير للمجلس العسكري.

ويبدو أنّ حجة المجلس العسكري في النيجر معقولة جدّا، مبدئيا واستراتيجيا، فعلاوة على المنحى السيادي للثروات الباطنية، فإنّ بقاء الاقتصاد النيجري رهين المستجدات السياسية والاقتصادية في الجوار، وتحديدا بنين، أمر فيه الكثير من المجازفة.

مرفأ "كوتونو" في بنين يعدّ الرئة الاقتصادية الوحيدة للنيجر، الدولة الحبيسة، التي يقف اقتصادها الكلي والجزئي، على هذا المرفأ الاستراتيجي.

ويبدو أنّ درس العقوبات الاقتصادية التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا عليها بعد الانقلاب العسكري في 2023، وإغلاق الحدود البرية مع بنين، والحيلولة دون وصولها إلى ميناء "كوتونو"، كلها ساهمت في بلورة موقف وطني بضرورة الاستفادة القصوى من اليورانيوم، والبحث عن البدائل الاقتصادية المحلية القادرة على استدرار عائدات مالية محترمة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC