غيّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برتوكول استقبال ضيوفه من القادة الأجانب في البيت الأبيض منذ وصوله إليه قبل 4 أشهر.
وأصبحت هذه الزيارات موعد اختبار حقيقي للزوار الأجانب عند لقائهم بترامب بما قد يواجهونه من مفآجات غير متوقعة، وكذلك من حرج المواقف العلنية أمام فريق الرئيس إلى جانب عشرات الكاميرات وميكروفونات مراسلي البيت الأبيض.
ترامب كان واضحا ومنذ الاستقبال الأول الذي خص به رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، بوجود ترتيبات بروتوكولية جديدة لاستقبال ضيوفه في المكتب البيضاوي.
علامة التغيير الأبرز في ترتيبات ترامب المستحدثة هي أن الاستقبال الأولي عادة ما كان وفي كامل تاريخ الرؤساء الأمريكيين يقتصر على كلمات الترحيب وإتاحة الفرصة لعدد محدود من الصحفيين والكاميرات، والتي عادة ما تكون هي الأخرى مرتبطة بالزيارة والضيف وطبيعة علاقة بلاده بالولايات المتحدة.
ترامب وإظهارا للشفافية الكاملة كما أعلن في أكثر من مناسبة سابقة وكما يقول كبار مسؤولي إدارته، حرص على أن تكون هذه اللقاءات الافتتاحية مسرحا لطرح القضايا التي عادة ما كانت تناقش خلف الأبواب المغلقة وبعيدا عن أعين ومسامع كاميرات مراسلي البيت الأبيض.
التغيير الآخر، أن الحضور عادة ما يكون مقتصرا على عدد محدود من أعضاء فريق الرئيس وحتى أعضاء الوفد الزائر.
لكن ترامب غيّر هذا التقليد بحضور أعضاء فريقه عادة بالكامل الى المكتب، إضافة إلى السماح لجميع المراسلين بالحضور للحظات الاستقبال هذه قبل الذهاب إلى جلسات النقاش الخاصة وطرح ما يشاؤون من أسئلة، وبعضها وكثير منها عادة ما يذهب بعيدا عن الزيارة والضيف.
وفي مناسبات أخرى عادة ما تشكل إخراجا لضيوف البيت الأبيض، ومنها ذلك السؤال الذي وجهه أحد المراسلين للرئيس الأوكراني حول عدم ارتدائه زيًّا رسميًّّا وهو قادم لزيارة الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض.
وهذه كانت لحظة استفزت الضيف الأوكراني عميقا وسبق ذلك إشارة من الرئيس ترامب لزيلينسكي حول نفس اللباس عند مدخل البيت الأبيض.
التغيير الجوهري هذا الذي أصبح يوصف بالفخ بين المتابعين لزيارة القادة الأجانب لواشنطن هو ما يمكن أن يصدر عن الرئيس ترامب شخصيا لضيوفه.
ما بعد لقاء #ترامب و #زيلينسكي.. صدمة دبلوماسية وتداعيات سياسية #إرم_نيوز
Posted by Erem News - إرم نيوز on Friday, February 28, 2025
كان أول القادة الأفارقة الواصلين إلى البيت الابيض في الولاية الثانية للرئيس ترامب وعلى خلفية خلافات عميقة بين واشنطن وجوهانسبرغ، وصلت إلى درجة طرد السفير الجنوب أفريقي من العاصمة واشنطن ووصفه من قبل وزارة الخارجية بالشخص غير المرغوب فيه، وهي حالة نادرة في تاريخ العاصمة واشنطن في التعامل مع سفراء الدول الأجانب.
هناك الكثير من الخلافات العلنية بين جنوب أفريقيا والإدارة الحالية ليس أقلها ذلك الخلاف القوي من حول المحكمة الجنائية الدولية، لكن أكبرها هو ذلك الخلاف القائم حول ملاك الأراضي البيض من المزارعين الجنوبيين.
إدارة ترامب وفي وقت مبكر من وجودها في البيت الأبيض وصفت وضع هؤلاء بقضية تمييز يمارَس ضدهم من قبل الحكومة المركزية، وذهبت إلى حد إعلان ترحيبها باستقبال هؤلاء كلاجئين في الولايات المتحدة مع تقديم تسهيلات استثنائية لهم وعائلاتهم للقدوم والعيش في الولايات المتحدة.
وقبل وقت قصير من موعد وصول الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا إلى العاصمة واشنطن، كانت أول دفعة من مواطنيه المزارعين البيض وصلت مطار العاصمة واشنطن دالاس. وتم استقبالها من قبل رسميين من إدارة الرئيس ترامب والترحيب باختيارهم اللجوء إلى الولايات المتحدة بصفتهم لاجئين يبحثون عن العدالة بعد أن قرروا الهروب من بلادهم جنوب أفريقيا الذي يمارس التمييز ضدهم.
الدفعة المشكّلة من 90 من الأفارقة البيض تلقت معاملة خاصة على مستوى مصالح الهجرة في وقت تعالج فيه الإدارة الحالية واحدا من أعقد الملفات التي تضعها على رأس أولوياتها القصوى وهو ملف ترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم أو إلى دول ترضى باستقبالهم فيما صار يعرف بالدول الثالثة.
ترامب أراد أن يضع ضيفه في حرج أمام الجميع وأمام الأمريكيين عندما أحضر ملفا واستعرض فيديوهات يقول إنها تظهر معاناة المزارعين البيض في جنوب أفريقيا.
الضيف الأفريقي كان حريصا على إظهار موقفه الواضح من القضية وقدم توضيحات علنية لمضيفه في المكتب البيضاوي، حتى وإن أعقب ذلك جدل كبير حول صحة تلك المعلومات التي قدمها الرئيس، وحتى السؤال إن كانت تلك الشواهد قد حدثت في جنوب أفريقيا أو في دول أخرى مجاورة.
في أكثر من مناسبة واحدة يود الحديث في واشنطن إلى تلك المشادة الكلامية الصاخبة التي جمعت بين الرئيسين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أول زيارة لهذا الأخير للبيت الأبيض في عهد ترامب، بعد أن يستقبل بين أروقته استقبال الأبطال من قبل الرئيس بايدن وأركان إدارته من قبل الديمقراطيين في مبنى الكابيتول.
منذ ذلك اللقاء تحول هذا الترتيب البروتوكولي إلى لحظة معقدة بالنسبة لزائري الرئيس ترامب، ومنها تلك اللحظات الحرجة التي تميز بها لقاء ترامب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عندما يتعلق الحديث بالحرب في أوكرانيا ونسبة الدفع المالي الأوروبي مقارنة بالدفع الأمريكي.
وبعدها ذلك اللقاء المتوتر جدًّا الذي كان مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، الذي جاء إلى واشنطن على خلفية أزمة هي الأخرى ساخنة بين الدولتين الجارتين؛ بسبب الرسوم الجمركية، وكذلك بسبب الخلافات حول مرور المهاجرين غير النظاميين إلى الولايات المتحدة من كندا.
إضافة إلى المعضلة الجديدة في علاقات واشنطن بأوتاوا، وهي تلك المتعلقة بإعلان ترامب رغبته في ضم كندا للولايات المتحدة لتصبح الولاية الحادية والخمسين.
يقول مقربون من إدارة ترامب، لـ"إرم نيوز"، عن ذلك اللقاء، إن أعضاء الوفد الكندي أبلغوهم خلال تلك الزيارة أنهم أجروا استعدادات خاصة لهذه المواجهة وأنهم أبلغوا مسؤوليهم أن الموقف يحتاج إلى تحضير مسبق؛ لأن ما يمكن أن يحدث خلال الاستقبال يحمل طابع المفاجأة، وعلى الزائر الكندي أن يكون جاهزا لمواجهة أي مفاجأة قد تحدث خلال لحظات الاستقبال.
وكذلك كان الأمر عندما أشار رئيس الوزراء الكندي إلى الرئيس ترامب أن هناك أشياء غير قابلة للبيع أبدًا بل ومستحيلة، كما هو حال الولايات المتحدة التي لن تفكر أبدًا ولن تقبل أبدًا ببيع مبنى البيت الابيض بكامل رمزيته التاريخية، وكذلك الأمر بالنسبة للكنديين وفخرهم باستقلال بلادهم وسيادتها الأبدية".
