بحلول عام 2026، تواجه غرب إفريقيا فترة من التحولات الحاسمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي؛ بينما تبدو الأوضاع مستقرة نسبيًّا في بنين وبوركينا فاسو، يكتنف المستقبل السياسي لكلٍّ من نيجيريا وساحل العاج غموض متزايد، بحسب مجلة "جون أفريك".
وفي المقابل، تُبشّر المؤشرات الاقتصادية بتحولات ملموسة، مع توقع ازدهار تعدين خام الحديد في غينيا، وتطوير قطاع الهيدروكربونات في السنغال وساحل العاج؛ ما يضع المنطقة على مفترق طرق بين المخاطر السياسية والفرص الاقتصادية.
اجتمع قادة دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في قمة أبوجا في الـ14 من ديسمبر/كانون الأول لمناقشة هذه التحديات، وسط تقلبات متزايدة على صعيد الأمن الداخلي والتنافس على السلطة.
في نيجيريا، يواجه الرئيس بولا تينوبو ضغوطًا متصاعدة بسبب التوترات مع الولايات المتحدة، التي هددت بالضغط الاقتصادي وحتى التدخل العسكري بسبب مزاعم "إبادة جماعية ضد المسيحيين" في الحزام المركزي للبلاد.
ويسعى تينوبو إلى موازنة هذه التهديدات مع مصالحه السياسية الداخلية، ولا سيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية عام 2027، التي تتطلب الحفاظ على دعم الولايات ذات الأغلبية المسلمة شمال البلاد.
كما تضمن إستراتيجيته مجموعة من الإجراءات تشمل استدعاء كبار المسؤولين الدبلوماسيين، إعلان حالة طوارئ، وإعادة تعيين سفراء لتعزيز الدبلوماسية.
أما في ساحل العاج، فقد أعاد الحسن واتارا انتخابه لولاية رابعة بنسبة 89.77%، في ظل معارضة منقسمة ومنع منافسه الرئيسي من الترشح.
رغم النجاح الساحق، يظل السؤال الأكبر مطروحًا: من سيرث السلطة بعد رحيل واتارا، الذي يُعدّ محورًا سياسيًّا مطلقًا داخل حزبه، حزب تجمع الهوفويتيين من أجل الديمقراطية والسلام؟ تتراوح الأسماء المطروحة بين نائب الرئيس ووزير الدفاع وشخصيات سياسية أخرى، لكن القرار النهائي يبقى بيد الرئيس نفسه؛ ما يخلق حالة من الشك السياسي المستمر.
وفي بوركينا فاسو، يبرز الكابتن إبراهيم تراوري كرمز ثوري، بفضل حملة إعلامية منظمة استخدمت الذكاء الاصطناعي لنشر فيديوهات دعم له على الصعيدين الإفريقي والدولي.
رغم تصاعد العنف والمتطرفين في البلاد، فإن إستراتيجية "الدعاية في زمن الحرب" نجحت في ترسيخ صورته كقائد قوي؛ ما يعكس استخدام تقنيات حديثة لتوطيد السلطة في سياق عدم الاستقرار.
على صعيد الاقتصاد، تتوقع غينيا أن تصبح رائدة عالميًّا في إنتاج خام الحديد مع تشغيل منجم سيماندو، الذي سيجلب عائدات ضريبية كبيرة لمدينة كوناكري ويغذي مشروع "سيماندو 2040" التنموي، الذي يشمل البنية التحتية، والطاقة، والزراعة، والتعليم.
ومن المتوقع أن تصل الإيرادات السنوية من المشروع إلى 650 مليون دولار؛ ما يجعل غينيا من أسرع الاقتصادات نموًّا في القارة بنسبة 9.3% في 2026 وفق تقديرات البنك الدولي.
في السنغال، تتركز الطموحات على تطوير حقول النفط والغاز، بما في ذلك حقل سانغومار وحقل غراند تورتو أحميم.
وتسعى الحكومة إلى تحسين الإطار القانوني وجذب شركات كبرى لإعادة التفاوض على العقود، مع الحفاظ على استقرار البيئة الاستثمارية.
أما ساحل العاج، فتستفيد من بيئة مستقرة نسبيًّا لدعم تطوير قطاع الهيدروكربونات. ومن المتوقع أن تعزز المرحلة الثالثة من مشروع بالين إنتاج النفط إلى 150 ألف برميل يوميًّا و200 مليون قدم مكعب من الغاز، بالتعاون مع شركات دولية، مثل: إيني وميرفي أويل وبيتروتشي.
هذه المشاريع تعزز مكانة ساحل العاج كإحدى الدول الإفريقية الطموحة في مجال الطاقة، مع السعي إلى أن تصبح "النرويج الإفريقية".
في بنين، يواجه وزير المالية والرئيس المحتمل روموالد واداني تحديات كبيرة بعد محاولة انقلاب في ديسمبر، وهو الآن في قلب إدارة الأزمة قبل الانتخابات التشريعية في يناير، التي ستحدد مسار الانتخابات الرئاسية بعد ثلاثة أشهر.
ورغم فشل الانقلاب، فإن التحديات السياسية مستمرة، بما في ذلك منافسة من حزب الديمقراطيين الذي يسعى للحفاظ على وجوده السياسي.
أما في نيجيريا، فيُظهر تينوبو حنكة سياسية في محاولته التوفيق بين الضغوط الأمريكية ومصالحه الداخلية، لكنه يظل في موقف هش قد يؤثر في استقرار المنطقة.
ومع تباين هذه الديناميكيات السياسية، تبدو غرب إفريقيا في 2026 على مفترق طرق: بينما توفر المشاريع الاقتصادية فرصًا غير مسبوقة للنمو، فإن الشكوك السياسية والتهديدات الأمنية تظل تشكل عامل ضغط مستمر على قادة المنطقة والمستثمرين على حد سواء.