قال خبراء سياسيون فرنسيون إن تصريحات جيه دي فانس نائب الرئيس الأمريكي بشأن استخدام "حذر وحاسم" للقوة العسكرية في عهد الرئيس دونالد ترامب تمثل تحولًا دقيقًا ولافتًا في نبرة الخطاب الدفاعي الأمريكي.
ورجحوا لـ"إرم نيوز"، أن تعكس تلك النبرة استعداد واشنطن لاعتماد استراتيجية جديدة أكثر انتقائية وحساباً في التدخلات العسكرية، بما ينسجم مع رؤى ترامب "أمريكا أولاً" ويعيد تعريف مفهوم الردع الأمريكي عالميًا.
وفي تصريح سابق أعلن فانس، أن استخدام القوة العسكرية خلال ولاية ترامب الثانية سيكون "حذراً وحاسماً".
ويطرح هذا التصريح تساؤلات كبرى حول طبيعة الاستراتيجية الدفاعية، التي تعتزم واشنطن اتباعها في عالم يتجه نحو تعددية قطبية وصراعات متصاعدة.
وقال فيليب جودار، المحلل السياسي الفرنسي في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، إن هذه اللغة تشير إلى نية إدارة ترامب الابتعاد عن سياسة التدخلات الواسعة النطاق التي ميزت الإدارات السابقة، خصوصاً في أفغانستان والعراق.
وأوضح لـ"إرم نيوز"، أن "ما يقترحه نائب الرئيس هو مقاربة انتقائية، ترفض الحروب الطويلة والمكلفة، وتفضل بدلاً من ذلك عمليات محددة بدقة، قد تكون استخباراتية أو سيبرانية أو حتى ضربة جراحية محدودة، لكنها ذات أثر استراتيجي".
وأضاف جودار أن هذه النبرة تنسجم مع توجه ترامب خلال ولايته الأولى، حيث كان ميالاً إلى تقليص الوجود الأمريكي في مناطق النزاع، مع الحفاظ على القدرة على الردع، سواء عبر الضربات الصاروخية كما حدث في سوريا، أو عبر اغتيال شخصيات رئيسية مثل قاسم سليماني.
من جهتها، قالت الباحثة إليان مارتينو، المتخصصة في الشأن الدفاعي الأمريكي في مؤسسة "مونتين" بباريس، إن خطاب نائب الرئيس يعكس نوعاً من "الردع الحسابي"، أي الرغبة في الحفاظ على هيبة القوة العسكرية الأمريكية دون الوقوع في فخ الحروب الاستنزافية.
وأضافت لـ"إرم نيوز" أن "التحول ليس جذرياً بل تكتيكي، ما تسعى إليه إدارة ترامب هو إرسال رسالة قوية للخصوم، روسيا والصين، مفادها أن واشنطن لن تتردد في استخدام القوة، ولكنها لن تفعل ذلك بطريقة عشوائية أو مكلفة سياسياً واقتصاديًا"، لافتة إلى أن ذلك يُجسد سياسة توازن بين الانكفاء المدروس والردع الاستراتيجي.
من ناحيته، قال جان-لوك بليمان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ليون والمتخصص في الشأن الأمريكي، إن "هذا التصريح قد يكون بمثابة رسالة مشفرة للحلفاء الأوروبيين، مفادها، إذا كنتم تتوقعون تدخلاً أمريكياً تلقائياً في كل أزمة، فراجعوا حساباتكم".
وبيّن بليمان في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "التصريحات بمثابة تذكير بضرورة تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية، خاصة إذا أرادت أوروبا مواجهة تحديات كأوكرانيا أو الساحل الأفريقي دون الاعتماد الكامل على الدعم الأمريكي.