تستعد الفلبين لتسلم الدفعة الثالثة من صواريخ براهموس الأسرع من الصوت من الهند، ضمن صفقة بقيمة 375 مليون دولار لتزويد قواتها البحرية بثلاث بطاريات من الصواريخ الساحلية المضادة للسفن.
وقد أُدخلت الدفعة الأولى بالفعل إلى سلاح مشاة البحرية الفلبيني، فيما وصلت الثانية، في أبريل/نيسان 2025. وأكد الرئيس التنفيذي لشركة براهموس للطيران والفضاء، جايتيرث جوشي، أن الصواريخ جاهزة للتسليم في الموعد المحدد دون تحديد تاريخ محدد، فيما يُدرس الجيش الفلبيني شراء المزيد من البطاريات ضمن برنامج التحديث العسكري "هورايزون 3"، وفق صحيفة "يوراسيان تايمز".
تُعد صواريخ براهموس، بمداها البالغ 290 كيلومترًا وسرعتها التي تصل إلى 2.8 ماخ، أداة ردع إستراتيجية ضد التهديدات البحرية الصينية، خاصة في المناطق المتنازع عليها مثل جزر سكاربورو، وسبراتلي.
ويوفر الرأس الحربي الذي يتراوح وزنه بين 200 و300 كيلوغرام ضربات دقيقة وسريعة، مع منصات إطلاق متنقلة تعزز القدرة على الانتشار السريع، والاستجابة للطوارئ.
وقد وصف وزير الدفاع الفلبيني جيلبرتو تيودورو جونيور هذه الصواريخ بأنها "تغير قواعد اللعبة" في الأمن البحري، مؤكدًا أنها تعزز قدرات فوج الدفاع الساحلي، وتمهد الطريق للتكامل مع المنصات البحرية، والبرية، والجوية، المستقبلية.
من جانبها، أعربت الصين عن معارضتها الشديدة للصفقة، واصفةً تسليم الدفعة الأولى بأنه خطوة استفزازية تُفاقم التوترات، واتهمت مانيلا بالدخول في سباق تسلح عند تسليم الدفعة الثانية.
كما اعتبرت بناء أول قاعدة لصواريخ براهموس في زامباليس تحديًا مباشرًا، محذرة من أن هذا قد يؤدي إلى حسابات خاطئة في المناطق المتنازع عليها.
في الوقت نفسه، بدأت اليابان وحليفتها الولايات المتحدة تدريبات عسكرية مشتركة تحت اسم "التنين الحازم"، تستمر أسبوعين وتتضمن نشر نظامي الصواريخ NMESIS وTyphon (MRC) الأمريكيين، إلى جانب صواريخ تايب 12 اليابانية.
وتهدف التدريبات إلى تعزيز الدفاع متعدد الطبقات وحماية الممرات المائية الحيوية، والدفاع عن التضاريس الرئيسة، وإطلاق القوة من البر، في إطار استعدادات محتملة لأي مواجهة في بحر الصين الجنوبي أو الشرقي.
يُعد نظام "Typhon" متوسط المدى منصة متحركة أرض-أرض قادرة على توجيه ضربات بعيدة المدى في العمق، بما في ذلك المنشآت العسكرية، والموانئ، ومراكز القيادة الصينية، حيث تقع قاعدة إيواكوني الجوية على بعد أقل من 700 كيلومتر من شنغهاي.
أما نظام "NMESIS" فيتيح إطلاق صواريخ بحرية دقيقة المدى تصل إلى نحو 185 كيلومترًا، مع قدرة عالية على الحركة، وإعادة الانتشار السريع، ما يجعله أداة فعالة لإنكار البحر، والدفاع الساحلي الديناميكي.
ردت الصين على نشر نظام "Typhon" بموقف شديد، مطالبة الولايات المتحدة واليابان باحترام المخاوف الأمنية للدول الأخرى، بينما كان ردها على "NMESIS" أكثر هدوءًا، مع تحذير خبراء صينيين من أن النظام قد يعقد أي خطط عسكرية محتملة حول تايوان.
ويمثل نشر هذه الأنظمة في اليابان بعد الفلبين خطوة استراتيجية لتوسيع القوة النارية الأمريكية والحليفة في المنطقة، وإرسال رسالة واضحة للردع البحري ضد توسع النفوذ الصيني.
تشير التحركات الأخيرة للفلبين واليابان، بدعم أمريكي وهندي، إلى تصاعد سباق التسلح في المحيطين الهندي والهادئ، وسط تصاعد التوترات مع الصين حول بحر الصين الجنوبي وشرق آسيا.
وتوفر صواريخ براهموس وطائرات "Typhon وNMESIS" قدرة عالية على الضربات الدقيقة والسريعة، بما يعزز ردع الصين، ويزيد من تعقيد أي تحركات عسكرية محتملة.
بالإضافة إلى البعد العسكري، تعكس هذه الصفقات والتحركات التعاون الإستراتيجي بين الدول الإقليمية وحلفائها، وهو تعاون يهدف إلى موازنة القوة البحرية الصينية المتنامية وتأمين الممرات البحرية الحيوية والتجارة الدولية.
ومع تنامي القدرات الدفاعية للفلبين واليابان، فإن الصين تواجه تحديات متزايدة في التخطيط العسكري والسيطرة البحرية، ما قد يدفعها إلى إعادة تقييم سياساتها في المنطقة.
يبقى أن رؤية التحولات في القوة البحرية والتسلح في جنوب شرق آسيا واليابان تعد مؤشرًا واضحًا على أن سباق التسلح الإستراتيجي قد دخل مرحلة جديدة، حيث لم تعد القدرات التقليدية كافية، بل أصبح التفوق التقني في نظم الصواريخ فائقة السرعة والمتنقلة عاملًا حاسمًا في حسابات الردع الإقليمي.