الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
كشف مصدر مقرّب من حزب العمال الكردستاني، أن انسحاب مقاتلي الحزب من الأراضي التركية إلى شمال العراق جاء استجابة مباشرة لتوجيهات الزعيم عبدالله أوجلان، في خطوة تهدف إلى تخفيف التوتر الميداني وتهيئة الأرضية لاستئناف مسار السلام المتوقف منذ أعوام.
وأوضح المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذا التطور "يضع الكرة في الملعب التركي"، ويفتح الباب أمام اختبارات سياسية جديدة تتعلق بمدى استعداد أنقرة لترجمة وعودها الدستورية وتفعيل مبادراتها عبر قنوات الحوار والمصالحة الوطنية.
وقال المصدر إن "إعلان حزب العمال الكردستاني سحب ما تبقّى من مقاتليه من تركيا ونقلهم إلى جنوب كردستان داخل العراق، وتحديدًا إلى المناطق المحصّنة في جبال قنديل، يؤكد أن الحزب ماضٍ بجدية نحو السلام وتنفيذ قرار الزعيم عبدالله أوجلان، لتبقى الكرة بين أقدام الجانب التركي".
وأضاف أن "أنقرة كانت قد وعدت بتعديل مواد في الدستور بعد هذا التطور، غير أن الواقع أظهر وجود عقبات، إذ حاولت القوات التركية تنفيذ عمليات تمشيط في المناطق التي يتواجد فيها مقاتلو الحزب، ما دفع الأخير، تجنّبًا للاشتباك، إلى سحب قواته من مناطق هاكاري وجوليمرك".
وأكد المصدر أن "هذه الخطوة الميدانية سيتم استثمارها سياسيًا، لأنها تحرج الدولة التركية ولا تتيح لها التراجع عن عملية السلام كما حدث عامي 2013 و1992"، مشيرًا إلى أنه "لو كانت أنقرة قادرة على إنهاء حزب العمال الكردستاني، وبالتالي إنهاء الملف الكردي، لفعلت ذلك منذ زمن، لكنها تدرك اليوم وجود متغيرات كبيرة في الشرق الأوسط تشمل الأكراد في 4 دول رئيسية، وهو ما يستدعي تفعيل عملية السلام".
وأشار إلى أن "لجنة برلمانية ستزور أوجلان قريبًا في إمرالي، وستضم ممثلين عن مختلف الأحزاب، لا عن الحزب المؤيد للأكراد فقط، ما يعني أنها لجنة منبثقة عن البرلمان تُعنى بملف تعديل الدستور والعفو العام وتبييض السجون ودمج المقاتلين في الدولة".
وأوضح المصدر، أن "الاتفاق يجري ضمن جدول زمني محدد ويتضمن خطوات متبادلة، لكنه ليس بسيطًا ويحتاج إلى وقت، لأن حزب العمال الكردستاني منظومة متكاملة سياسيًا ودبلوماسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وإعلاميًا"، مشيرًا إلى أن الأيام المقبلة ستكشف الكثير حول هذه العملية.
يُذكر أن الأحزاب السياسية التركية، باستثناء حزب الحركة القومية المتحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، تعترض على لقاء لجنة السلام البرلمانية بأوجلان بشكل مباشر، رغم أن الدعوة إلى استئناف عملية السلام أُطلقت أساسًا من زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي ووجدت استجابة من أوجلان.
ويرى الجانب الكردي، الممثَّل في حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة "إرهابيًا"، وحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، أن لقاء أوجلان يمثل "الخطوة المقبلة" في عملية السلام، معتبرين الزعيم التاريخي للحزب "المفتاح الحقيقي" لهذه العملية.
من جانبه، يرى المتخصص في الشؤون التركية محمود علوش، أن "هذه الخطوة تمثل مؤشرًا قويًا على المسار الثابت الذي تسلكه عملية السلام الجديدة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، وتكرّس البيئة المناسبة لمواصلة هذا المسار".
وأضاف علوش لـ"إرم نيوز" أن هناك الكثير من التعقيدات والعقبات التي تواجه العملية، "لكن الإرادة التي يُظهرها الطرفان تدفع إلى التفاؤل بمستقبلها"، مؤكدًا أن الحزب قام بسلسلة خطوات مهمة بدءًا من إعلان حل نفسه، مرورًا بالشروع في نزع السلاح، وصولًا إلى إعلان الانسحاب من الداخل التركي.
وأشار إلى أن "مزيدًا من الخطوات تنتظرها أنقرة من الحزب، خصوصًا على مستوى نزع السلاح الكامل ومعالجة ملف الحزب بشكل عام، في المقابل ستتخذ تركيا خطوات مقابلة ضمن العملية"، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة تطورًا في عمل اللجنة البرلمانية المشكلة مؤخرًا لوضع الأطر القانونية والسياسية لهذه العملية.
ورأى علوش، أن "العملية تمضي بثبات، وفرص نجاحها تتعزز يومًا بعد يوم، رغم استمرار التحديات سواء على مستوى الصراع المباشر بين الجانبين أو في ما يتعلق بالعوامل الإقليمية المؤثرة، وعلى رأسها ملف قسد في سوريا".